قال: فاستشار عمرو بن العاص، وعبد الله بن أبي سرح، وكان أخا عثمان لأمه، فقال عمرو: أرى أن تطلق الماء، وقال ابن أبي سرح: لا تطلق الماء، حتى يموتوا عطشا كما قتلوا أمير المؤمنين عطشا-يعني بذلك عثمان-، فمال معاوية الى قوله، وترك قول عمرو، فلما ضرّ بأصحاب علي ذلك، أصبح على باب حجرة علي اثنا عشر ألفا من أصحاب البرانس، وقالوا: يا أمير المؤمنين أنهلك ونحن ننظر الى الماء؟ قال: فمن له؟ قال الاشعث بن قيس: أنا، قال: فشأنك، قال: فتقدم بهم، قال:(٢٤٣ - و) فجعل يلقي رمحه ويمشي بطوله وهو راجل وهو يقول:
ميعادنا اليوم بياض الصبح … هل يصلح الأمر بغير نصح
لا لا ولا الزاد بغير ملح … ادنوا الى القوم بطعن كدح
حسبي من الاقدام قاب رمحي
قال: فحملوا عليهم فأزالوهم عن الماء، وقعدوا عليه، فقال عمرو لمعاوية:
شمت بك، أتراك تضارب على الماء كما ضربوك بالأمس؟ قال معاوية: هم خير من ذلك، وأرسل علي الى الاشعث أن خلّ بينه وبين الماء.
أنبأنا عمر بن محمد الدارقزي قال: أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي-اجازة ان لم يكن سماعا-عن أبي القاسم يوسف بن محمد بن المهرواني قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد بن الحمامي المقرئ قال: أخبرنا أبو صالح القاسم بن سالم الأخباري قال: أخبرنا أبو عبد الرحمن عبد الله بن أحمد بن محمد بن حنبل قال:
حدثني أبي-أملأ عليّ إملاء-قال: حدثنا أبو المغيرة قال: حدثنا صفوان قال:
حدثني أبو الصلت سليم الحضرمي، قال: شهدنا صفين، فإنّا لعلى صفوفنا وقد حلنا بين أهل العراق وبين الماء، فأتانا فارس على برذون مقنعا بالحديد فقال: السلام عليكم فقلنا: وعليك. قال: فأين معاوية؟ قلنا هو ذا فأقبل حتى وقف، ثم حسر عن رأسه فاذا هو أشعث بن قيس الكندي، رجل أصلع ليس في رأسه الا شعرات، فقال: الله الله يا معاوية في أمة محمد صلى الله عليه وسلم هبوا انكم قتلتم أهل العراق فمن للبعوث والذراري، أم هبوا انا قتلنا أهل الشام فمن للبعوث والذراري (٢٤٣ - ظ) الله الله فان الله يقول: «وان طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فاصلحوا