للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عليهم، قلما يرى في جيشه مثله، رحمه الله ورضي عنه، رأيته بالعراق في حال ولايته وبالشام قبل أن وليها.

قال لي عز الدين أبو الحسن بن الأثير في سنة عشرين وخمسمائة: وقتل آق سنقر البرسقي بالجامع العتيق بالموصل بعد الصلاة يوم الجمعة، قتله باطنية، وكان رأى تلك الليلة في منامه أن عدة من الكلاب ثاروا به، فقتل بعضها ونال منه الباقون أذى شديدا، فقص رؤياه على أصحابه فأشاروا عليه بترك الخروج من داره عدة أيام، فقال: لا أترك الجمعة لشيء أبدا وكان يشهدها في الجامع مع العامة فحضر الجامع على عادته، فثار به من الباطنية ما يزيد على عشرة أنفس فقتل بيده منهم ثلاثة وقتل رحمه الله (١).

قرأت بخط‍ أبي الفوارس حمدان بن عبد الرحيم في تاريخه الذي جمعه (٢)، ووقع إلي منه أوراق نقلت منها في حوادث سنة عشرين وخمسمائة أن البرسقي سلّم حلب وتدبيرها الى ولده الأمير عز الدين مسعود فدخل (٢٧٧ - و) حلب، وأجمل السيرة وتحلى بفعل الخير، وسار أبوه الى الموصل والجزيرتين، وما هو جار في مملكته حتى دخل شهر ذي القعدة من السنة، فلما كان يوم الجمعة تاسع الشهر قصد الجامع بالموصل ليصلي جماعة، ويسمع الخاطب كما جرت عادته في أكثر الجمع، فدخل الجامع وقصد المنبر فلما قرب منه وثب عليه ثمانية نفر في زي الزهاد فاخترطوا خناجر وقصدوه، وسبقوا الحفظة الذين حوله فضربوه حتى أثخنوه، وجرحوا قوما من حفظته، وقتل الحفظة منهم قوما، وقبضوا قوما، وحمل البرسقي بآخر رمقه الى بيته، وهرب كل من في الجامع، وبطلت صلاة


(١) - الكامل لابن الاثير:٨/ ٣٢٠.
(٢) -لم يصلنا وأكثر ابن العديم النقل عنه، وحمدان مؤرخ شاعر، عاصر زنكي وخدمه، كما عمل في خدمة بعض الحكام الصليبيين، كتب عدة كتب أهمها «المفوف» في أخبار الفرنج، وقد ترجم له ابن العديم في حرف الحاء، كما ترجم له ياقوت في ارشاد الاريب.

<<  <  ج: ص:  >  >>