والدروب، فرحل عن حلب بعد خروج محمود إليه بخمسة أيام، وقصده حتى لحقه على منازكرد، فحاربه حتى هزمه، وأسر ملك الروم، وغنم معسكره، وكانت عدة الترك ستمائة ألف رجل.
وقرأت في بعض التواريخ التي لم يسم جامعها أن ألب أرسلان العادل نزل على حلب محاصرا لها في سنة ثلاث وستين وأربعمائة، وبها محمود بن نصر بن صالح، ثم ملكها بالأمان، خرج إليه محمود بن نصر في يوم الثلاثاء سابع عشر جمادى الآخرة من السنة، فأنعم عليه وآمنه، وولاه حلب من قبله.
ثم رحل عنها في الثالث والعشرين من جمادى الآخرة قاصدا بلد الروم في طلب ملكهم وقد توجه الى منازجرد، فلحقه في عساكره وأوقع به، فهزمه، وقيل ان ملك الروم كان في ستمائة ألف. وألب أرسلان في أربعمائة ألف من الأتراك، وحصل ملك الروم أسيرا في أيدي المسلمين، وصار الى ألب أرسلان، فلم تزل المراسلات بينه وبينه الى أن تقرر إطلاقه (٢٧٩ - و) على مهادنة منها: أن لا يعرض لبلاد المسلمين، ثم سيره الى بلاده، فيقال إن أهل مملكته قتلوه لأمور نقموها عليه.
قرأت بخط الحافظ أبي الخطاب عمر بن محمد العليمي، وأنبأنا به أبو عبد الله محمد بن أحمد بن محمد النسابة عنه قال: وجدت بخط ابي الحسن يحيى بن علي بن محمد بن زريق: ذكر أخبار السلطان الشهيد المعظم ألب أرسلان، أبي شجاع محمد بن داود، برهان أمير المؤمنين، نضّر الله وجهه، والسبب في وصوله الى الشام:
كان هذا السلطان رحمه الله ولي الأمر بعد وفاة عمه السلطان الأعظم أبي طالب طغرلبك بن ميكائيل في سنة سبع وخمسين وأربعمائة، وعمر السلطان طغرلبك على ما ذكر قد أناف على ثمانين سنة، ونازع السلطان المذكور في المملكة قتلمش ابن عمه، ولم يثبت لمقاومته، وذكر أنه لقيه في تسعين ألفا، ومع السلطان يومئذ اثنا عشر ألفا، فكسره، وانهزم قتلمش على وجهه، وسقط عن دابته في هزيمته، فوجد ميتا، وحمل ودفن بالري. وكانت الدامغان دار مملكته، وقيل ان اللقاء بقرب ضيعة تعرف بده نمك، وكان أخو السلطان قاورت متملك كرمان، وكان بينهما منازعات، وآلت الحال بينهما الى الصلح والاتفاق.