للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ليث وليث في مجال ضنك … كلاهما ذو أنف ومحك

وشدة في نفسه وفتك … أن يكشف الله قناع الشك

فهو أحق منزل يترك

فلما نظر اليه الاسد، زأر زأرة شديدة، وتمطى وأقبل نحوه، فلما صار منه على قدر رمح، وثب وثبة شديدة فتلقاه جحدر بالسيف فضربه ضربة، حتى خالط‍ لباب السيف لهواته، فخر الاسد كأنه خيمة قد صرعتها الريح، وسقط‍ جحدر على ظهره من شدة وثبة الاسد، وموضع الكبول، فكبر الحجاج والناس جميعا وأنشأ جحدر يقول:

يا جمل انك لو رأيت كريهتي … في يوم هول مسدف وعجاج

وتقدمي لليث أرسف موثقا … كيما أثاوره على الاحراج

شثن براثنه (١) … كأن نيوبه

زرق المعاول أو شباه زجاج

يسمو بناظرتين تحسب فيهما … لهبا احدهما شعاع سراج

(٢٥ - و)

وكأنما خيطت عليه عباءة … برقاء أو خرق من الديباج

لعلمت أني ذو حفاظ‍ ماجد … من نسل أقوام ذوي أبراج

ثم التفت الى الحجاج فقال:

ولئن قصدت بي المنية عامدا … اني لخيرك بعد ذاك لراج

علم النساء بأنني لا أنثني اذ … لا يثقن بغيرة الأزواج

وعلمت أني ان كرهت نزاله … اني من الحجاج لست بناج

فقال له الحجاج: ان شئت أسنينا عطيتك، وان شئت خلينا سبيلك، قال: لا بل أختار مجاورة الحجاج أكرمه الله، ففرض له ولاهل بيته وأحسن جائزته.

قال القاضي: مسدف مظلم من السدفة، والرسف مشي المقيد، والبراثن مخالب الاسد، والشبا والشباة حد الاسنة. قال أبو بكر: البرقاء التي فيها سواد وبياض (٢).


(١) -شثن البراثن: غليظها وخشنها.
(٢) -الخبر ليس في المطبوع من كتاب الجليس الصالح.

<<  <  ج: ص:  >  >>