أمور، هلك من ركب صدورها، فقال له حجر: اني مريض ولا استطيع الشخوص معك، قال: صدقت والله انك لمريض، مريض الدين، مريض القلب، مريض العقل، وايم الله لئن بلغني عنك شيء أكرهه لأحرصن على قتلك فانظر لنفسك أودع.
فخرج زياد فلحق بالبصرة. واجتمع الى حجر قراء أهل الكوفة، فجعل عامل زياد لا ينفذ له أمر، ولا يريد شيئا الا منعوه اياه، فكتب الى زياد: اني والله ما انا في شيء وقد منعني حجر وأصحابه كل شيء فأنت أعلم، فركب زياد بعماله حتى اقتحم الكوفة، فلما قدمها تغيب حجر، فجعل يطلبه فلا يقدر عليه، فبينا هو جالس يوما وأصحاب الكراسي حوله، فيهم الأشعث بن قيس، اذ أتى الاشعث ابنه محمد، فناجاه وأخبره أن حجرا قد لجأ الى منزله، فقال له زياد: ما قال لك ابنك؟ قال لا شيء، قال: والله لتخبرني ما قال لك حتى أعلم انك قد صدقت أو لا تبرح مجلسك حتى اقتلك، فلما عرف الاشعث اخبره، فقال لرجل من أهل الكوفة من أشرافهم: قم فاتني به، قال: اعفني أصلحك الله من ذلك ابعث غيري. قال: لعنة الله عليك خبيثا مخبثا (٥٧ - و) والله لتأتيني به أو لأقتلنك، فخرج الرجل حتى دخل عليه، فأخذه وأخبر حجر الخبر، فقال له: ابعث الى جرير بن عبد الله فليكلمه فيك فاني أخاف ان يعجل عليك، فدخل جرير على زياد فكلمه فقال: هو آمن من أن أقتله ولكن أخرجه فابعث به الى معاوية، فجاء به على ذلك، فأخرجه من الكوفة ورهطا معه وكتب الى معاوية: أن اغن عني حجرا، إن كان لك فيما قبلي حاجة، فبعث معاوية فتلقي بالعذراء: فقتل هو وأصحابه، وملك زياد العراق خمس سنين ثم مات سنة ثلاث وخمسين.
قلت: هكذا جاء في هذه الرواية فيهم الأشعث بن قيس وهو وهم فاحش، فان هذه القصة كانت في سنة إحدى وخمسين أو في سنة خمسين، والأشعث مات في سنة أربعين قبل هذه الواقعة باحدى عشرة سنة، وقد ذكرنا فيما نقلناه من ابن ديزيل أن الذي طلب منه معاوية (١) احضار حجر اليه هو محمد بن الأشعث.