لسانه عن ما يتكلم به، فأتوه فلم يجبهم الى شيء، ولم يكلم أحدا منهم وجعل يقول: يا غلام اعلف البكر قال: وبكر في ناحية الدار، فقال له عدي بن حاتم:
أمجنون أنت أكلمك بما أكلمك به، وأنت تقول يا غلام اعلف البكر فقال عدي لاصحابه: ما كنت اظن هذا البائس بلغ به الضعف كل ما أرى، فنهض القوم عنه وأتوا زيادا فأخبروه ببعض، وخزنوا بعضا، وحسنوا أمره، وسألوا زيادا الرفق به، فقال: لست اذا لأبي سفيان، وأرسل اليه الشرط والبخارية فقاتلهم بمن معه ثم انفضوا عنه، وأتى به زياد وبأصحابه، فقال له: ويلك مالك؟ قال: اني على بيعتي لمعاوية لا أقيلها ولا أستقيلها، فجمع زياد سبعين من وجوه أهل الكوفة فقال:
اكتبوا شهادتكم على حجر وأصحابه، ففعلوا، ثم وفدهم على معاوية، وبعث بحجر وأصحابه اليه، وبلغ عائشة الخبر، فبعثت عبد الرحمن بن الحارث بن هشام المخزومي الى معاوية يسأله أن يخلي سبيلهم، فقال عبد الرحمن بن عثمان الثقفي:
جذاذها جذاذها، (١) لا يغن بعد العام أثرا، فقال معاوية: لا أحب أن أراهم، ولكن اعرضوا علي كتاب زياد، فقرئ عليه الكتاب وجاء الشهود فشهدوا، فقال معاوية ابن أبي سفيان: أخرجوهم الى عذراء فاقتلوهم هنالك، قال: فحملوا اليها، فقال حجر: ما هذه القرية؟ قالوا: عذراء قال: الحمد لله، أما والله اني لأول مسلم نبح كلابها في (٥٨ - ظ) سبيل الله، ثم أتي بي اليوم اليها مصفودا، ودفع كل رجل منهم الى رجل من الشام ليقتله قال: ودفع حجر الى رجل من حمير فقدمه ليقتله، فقال: يا هؤلاء دعوني أصلي ركعتين، فتركوه فتوضأ وصلى ركعتين فطول فيهما، فقيل له: طولت أجزعت، فانصرف فقال: ما توضأت قط إلاّ صليت وما صليت صلاة قط أخف من هذه، ولئن جزعت لقد رأيت سيفا مشهورا وكفنا منشورا وقبرا محفورا، وكانت عشائرهم جاؤوهم بالاكفان وحفروا لهم القبور، ويقال بل معاوية الذي حفر لهم القبور وبعث اليهم بالأكفان. وقال حجر: اللهم انا نستعديك على أمتنا، فان أهل العراق شهدوا علينا، وان أهل الشام قتلونا. قال:
(١) -جذذ: قطع. أي اقتل اقتل ولن تبق بعد العام من أثر. انظر النهاية لابن الاثير.