للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذر المقام اذا ما ساءك الطلب … وسر فعزمك فيه الحزم والأرب

لا تقعدن بأرض قد عرفت بها … فليس تقطع في أغمادها القضب

ألم تكن لك أرض الله واسعة … ان أقفرت جلق ما أقفرت حلب

ولما كان بحلب عبر على قوم يرتمون بالحجارة، فضربه حجر طائح في عينه فقلعها، وعاد الى دمشق مخلا فقال:

جفاني صديقي حين أصبحت معدما … وأخرني دهري وكنت مقدما

وسافرت جهلا فانعورت وان أعد … الى سفرة أخرى قدمت على العما

وكم من طبيب قال تبرى أجبته … كذبت ولو كنت المسيح ابن مريما

استغفر الله من قول مثل هذا الكلام لما فيه من التنقص بالمسيح عليه السلام (١)

سمعت شيخنا الصاحب قاضي القضاة أبا المحاسن يوسف بن رافع بن تميم يقول: كان العرقلة صاحب نادرة، وكان طيبا، وكان السلطان الملك الناصر (١٣٠ - ظ‍) يضحك منه، ومدحه قديما قبل أن يلي مصر وبشره في القصيدة بأخذه مصر، فوعده ان صارت اليه أن يعطيه ألف دينار، فلما ولي مصر جاءه العرقلة وامتدحه بقصيدته الرائية التي يقول فيها مقتضيا ما وعده به:

يا ألف مولاي أين الالف دينار؟،.

فأمر له السلطان الملك الناصر بألف دينار فقال: ما آخذها إلاّ تحت النسر (٢) بدمشق وإلاّ فايش يوصلني بألف دينار الى دمشق وأخاطر بها مع الفرنج في الطريق فضحك منه السلطان وأطلقها له بدمشق.

أنشدنا الشريف أبو المحاسن الفضل بن عقيل بن عثمان بن عبد القاهر بن سليمان العباسي الدمشقي بها قال: أنشدني العرقلة حسان بن نمير الكلبي لنفسه:

يقولون: لم أرخصت شعرك في الورى؟ … فقلت: لهم اذ مات أهل المكارم

أجاز على الشعر الشعير وانه … كثير اذا خلصته من بهائم (٣)


(١) -ديوانه:٩٣.
(٢) -بجامع بني أمية في دمشق.
(٣) -ديوانه مع فوارق.

<<  <  ج: ص:  >  >>