للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على سطح له كان فيه مجلسه، فكان أبو علي يجري على ذلك ويقول صاحب السطح ثم قال أبو الفتح: وما كان مع ذلك إلاّ بحيث يضع نفسه فانه كان فوق كل من نظر في هذا العلم ولو عاش أبو العباس وأبو بكر (١) وطبقتهما لاخذوا عنه بلا أنفة ولو أدركه الخليل وسيبويه لكانا يقرّان له ويتجملان به، وقرأت عليه بالشام كتاب تصريف المازني، وكنت قليل المعرفة اذ ذاك باللغة، فسألته عن شيء من تفسير اللغة فيه، فنظر الى مغضبا وعبس وجهه، قال أبو الفتح: وكذا: طريقة النحويين.

قال: وذاكرت بكتاب العين (٢) يوما شيخنا أبا علي فأعرض عنه، ولم يرضه لما فيه من القول المرذول والتصريف الفاسد، فقلت له كالمحتج عليه: فان في تصنيفه راحة لطالب الحرف (١٤٩ - ظ‍) لانه منساق متوجه وليس فيه التعسف الذي في كتاب الجمهرة، فقال: أرأيت لو أن رجلا صنف لغة بالتركية تصنيفا حسنا، هل كنا نقبلها منه ونستعملها، أو كلاما هذا نحوه قد بعد عهدي به.

وحدثنا قال: حدثني أبو بكر قال: ما رأينا كتاب العين بسر من رأى مع بعض أصحاب حنين، وكان أبو علي يقول: لما هممت بقراءة رسالة هذا الكتاب على محمد ابن الحسن، قال لي: يا أبا علي لا تقرأ هذا الموضع عليّ فأنت أعلم به مني.

محمد بن الحسن هو ابن دريد.

ومما نقله من خط‍ ابن برهان قال ابن جني: وحدثني أبو علي أنه وقع حريق بمدينة السلام، فذهب له جميع علم البصريين، قال وكنت كتبت ذلك كله بخطي وقرأته على أصحابنا، فلم أجد من الصندوق الذي احترق شيئا البتّة إلاّ نصف كتاب الطلاق، فسألته عن سلوته وعزائه عن ذلك، فنظر إليّ معجبا، ثم قال: بقيت شهرين لا أكلم أحدا حزنا وهما، وانحدرت الى البصرة لغلبة الفكر عليّ وأقمت مدة ذاهلا متحيرا.

ومما نقله من خط‍ ابن برهان، وذكر ابن برهان أنه نقله من خط‍ أبي الحسن الزعفراني، مما حكاه عن أبي علي، قال أبو علي: من كثرة احتشامي وتقبضي


(١) -المبرد وابن دريد.
(٢) -للخليل بن أحمد الفراهيدي.

<<  <  ج: ص:  >  >>