للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذلك يحفظ‍ تفسيرا كبيرا، ومعاني واعرابا وعللا، واختلاف الناس في ذلك ينصّ ذلك نصا بطلاقة (٢١٩ - و) لسان وحسن منطق، ولا يلحن، وكانت له اشارات يشير بها لمن قرأ عليه تفهم عنه في الكسر والفتح والمدّ والقصر والوقف، وبما كان يبتدئ بالمسألة من غير أن يسأل عنها فينصّ أقوال العلماء فيها ليرى حفظة، وكان يظهر مذهب الروافض، ويشير الى القول بالتشيع بسبب السلطان شاهدت ذلك منه وذاكرت به فارس بن أحمد غير مرة، وكان لا يرضاه في دينه.

قال أبو عمرو: وبلغنى أنه قال لمحمد بن علي حين ختم عليه القرآن: يا أبا بكر انما قرأت عليك للرواية لا للدراية. قال: وسمعت فارس بن أحمد يقول وقد ذاكرته بأبي علي: كان أبو علي لا يقر بقراءته على الشنبوذي ما دام حيا، فلما توفي قال:

قرأت على الشنبوذي، وأسند عنه.

وقال أبو عمرو: قتل أبو علي سنة تسع وتسعين وثلاثمائة قتله صاحب مصر (١).

قرأت في مختار من أخبار مصر للأمير المختار عزّ الملك محمد بن عبيد الله ابن أحمد المسبحي في حوادث سنة تسع وتسعين وثلاثمائة قال: وفي اليوم الثالث عشر منه-يعنى من ذي الحجة، وهو يوم الأحد-قتل أبو علي الحسن بن سليمان الأنطاكي المقرئ النحوي، وفي هذا اليوم بعينه قتل أبو أسامة العجمي اللغوي، قتلا جميعا في يوم واحد. واستتر بسبب قتلهما أبو محمد عبد الغني بن سعيد الأزدي وخاف على نفسه بسبب اجتماعهم في دار العلم وجلوسهم فيها.

قلت: وهذا يدل على أن ما ذكره أبو عمرو الداني عن أبي علي الأنطاكي من اظهار مذهب (٢١٩ - ظ‍) الروافض أنه كان خوفا من الحاكم الفاطمي صاحب مصر أن يقع فيما وقع فيه، فكان يستر مذهبه ويظهر التشيع لما يعلمه من تهور الحاكم واقدامه على اراقة دماء المسلمين ووقع أبو علي فيما خاف منه.


(١) - تاريخ ابن عساكر:٤/ ٢٣٠ و- ظ‍.

<<  <  ج: ص:  >  >>