للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ابن الحسن (١): اخطب يا محمد لفلان بن فلان على فلانة بنت فلان على صداق كذا في مال أمير المؤمنين، فقال محمد بن الحسن: يا أمير المؤمنين بلغنا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «قدموا قريشا ولا تتقدموها (٢)»، فان رأى أمير المؤمنين أن يأمر الشافعي أن يخطب وأتبعه، فقال الرشيد: اخطب يا شافعي، فقال الشافعي مرتجلا: الحمد لله باعث الاموات، وجامع الاشتات ومنشر الرفات، ومقيل العثرات ومنجح الطلبات، ومنزل البركات، وفاطر الارض والسماوات، وخالق البريات على ألسن مختلفات اللغات، وأشهد أن لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له، شهادة من الشهادات وكلمة اخلاص من الكلمات، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ابتعثه الله بالرسالات، ودل على صدقه بالدلالات، وأثبت حجته بالآيات المبينات، صلى الله عليه وعلى آله من المؤمنين والمؤمنات، أما بعد:

فان الله جعل النكاح زينة للبنات وسترا للعورات، وسببا للمصاهرات، جمع الله به بين الارحام المتباعدات وجعل القلوب المتباغضات متحاببات والنفوس المتنافرات متآلفات، والوجوه المنكرات معروفات، فقال عز من قائل {(وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْماءِ بَشَراً فَجَعَلَهُ نَسَباً وَصِهْراً وَكانَ رَبُّكَ قَدِيراً)} (٣) وهذا فلان بن فلان أتاكم خاطبا وفي مصاهرتكم راغبا يذكر فتاتكم فلانة بنت فلان، وقد بذل لها من الصداق كذا وكذا في مال أمير المؤمنين فأجيبوا خطبته، وشفعوا مسألته. أقول قولي هذا واستغفر الله (٢٢٤ - ظ‍) لي ولكم، ثم قال للزوج: قبلت النكاح؟ قل:

نعم، قال: نعم، قال قد زوجتك بأمر أمير المؤمنين.

قال الرشيد: أخطب يا محمد، فقال محمد بن الحسن: الحمد لله الذي وكل بالخلق حفظته، وبالعرش حملته، وبالبيت سدنته وبالجنة والنار خزنته، واختار محمدا صلى الله عليه وسلم صفوته، وجعل الاسلام ملته والكعبة قبلته، وخير الناس أمته، وأمهات المؤمنين نسوته، وفاطمة الزهراء ابنته، والحسن والحسين


(١) -محمد بن الحسن الشيباني-صاحب أبي حنيفة وأعظم فقهاء الحنفية.
(٢) -انظره في كنز العمال:١٢/ ٣٣٧٩٠ - ٣٣٧٩١.
(٣) - سورة الفرقان-الآية:٥٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>