أميرا، فجعله أميرا يجلس مع الأمراء، ويخاطب بالأمير وقربه، وصار يحضر في مجلسه وفي زمرة الأمراء، ثم وهبه أرضا (٢٥٠ - ظ) بحلب قبلي حمام الواساني فعمرها دارا وزخرفها وقرنصها، وتمم بنيانها وكمل زخارفها ثم نقش على داير الدرابزين:
دار بنيناها وعشنا بها … في دعة من آل مرداس
قوم محوا بؤسي ولم … يتركوا عليّ للأيام من باس
قل لبني الدنيا ألا هكذا … فليفعل الناس مع الناس
قال: فلما أنهى العمل بالدار عمل دعوة وأحضر نصر بن صالح بن مرداس، فلما أكل الطعام رأى الدار وحسنها وحسن بنيانها ونقوشها، ورأى الأبيات فقرأها، فقال: يا أميركم خسرت على بناء الدار؟ فقال: والله يا مولانا ما للمملوك علم بل هذا الرجل تولى عمارتها، فأحضر معمارها وقال له: كم قد لحقكم غرامة بناء هذه الدار؟ فقال له المعمار: غرمنا ألفي دينار مصرية، فأحضر من ساعته ألفي دينار مصرية وثوب أطلس وعمامة مذهبة وحصانا بطوق ذهب وسخت ذهب وسر فسار (١) ذهب، ودفع ذلك جميعه إلى الأمير أبي الفتح وقال له:
قل لبني الدنيا ألا هكذا … فليفعل الناس مع الناس
ووقع إليّ مدائح نصر بن صالح مدونة، وفيها قصائد مدحه بها أبو الفتح ابن أبي حصينة وليس فيها القصيدة الرائية، ولا الأبيات السينية، والصحيح أنه مدح بهما معز الدولة ثمال بن صالح، وأكثر مديحه فيه. (٢٥١ - و).
وقرأت بخط أبي سالم أحمد بن عبد القاهر بن الموصول هذه الأبيات الثلاثة، وذكر أنه كتبها في داره على حيط مجلسه، وقالها في أيام معز الدولة، يعني ثمال ابن صالح، وقد أطلق شيئا في عمارتها له.
وقرأت بخط رجل من الفضلاء في بعض الكتب أن ابن صالح لما بلغته هذه الأبيات نفذّ إليه مالا قيل مقداره ألف دينار وقيل ثلاثة آلاف دينار عوضا عما غرمه على الدار.
(١) -لم أجدها في كتب المعرب ولا في معجم دوزي أو المعاجم الفارسية العربية.