للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شوال سنة سبع وأربعين وثلاثمائة بحلب أيام زار سيدنا الأمير ناصر الدولة، سيدنا الأمير سيف الدولة، أطال الله بقاءهما، مع سائر الامراء أولاده أدام الله عزهم.

وإيّاه-أعني ناصر الدولة-عنى أبو فراس بقوله في قصيدته الرائية التي يفخر فيها بقوله:

وفينا لدين الله عز ومنعة … ومنا لدين الله سيف وناصر

هما وأمير المؤمنين مشرد … أجاراه لما لم يجد من يجاور

ورداه حتى ملكاه سريره … بسبعين (١) ألفا بينها الموت سافر

وساسا أمور المسلمين سياسة … لها الله والاسلام والدين شاكر (٢)

أراد بذلك أن ناصر الدولة وأخاه سيف الدولة أجارا المتقي من البريديين، (٢٥٩ - و) ومعه محمد بن رائق والوزير ابن مقله، فتلقاهم سيف الدولة بتكريت، وحمل إليهم الأموال والكساء والدواب وسار بهم إلى أخيه ناصر الدولة.

قال أبو عبد الله بن خالويه في شرح هذه الأبيات لأبي فراس: وقد كان يروي قديما في خطبة لأمير المؤمنين صلوات الله عليه، يعني، عليا عليه السلام: كأني بأبناء الخلافة من بني العباس على متون الأفراس يستنجدون العرب، وسائر الناس قد غلبهم عبيد أغنام غصبوهم الكرامة، فما يجيرهم أحد إلاّ هم.

قال: وكان سيف الدولة يقول: صدق أمير المؤمنين والله، لقد اجتهدت بالمتقي وابنه أن يركبا العماريات والشهاري على كثرة ما قدت إليهما، فأبيا أن يغيرا فرسيهما أو ثوبيهما إلى الموصل، فقام أبو محمد الحسن بن عبد الله بنصرته، فلقبه (٣) ناصر الدولة. قال: ولما لقب المتقي الحسن بن عبد الله ناصر الدولة قال الشاعر فيه:

من كأن شرّفه فيما مضى لقب … فناصر الدين ممن شرّف اللقبا

دعوك ناصرهم لما نصرتهم … وأعجز العجم ما حاولت والعربا


(١) -في ديوان أبي فراس: بعشرين.
(٢) -ديوان أبي فراس الحمداني-ط‍. بيروت-دار حياء التراث العربي: ٣٢ - ٣٣.
(٣) -بالاصل «فلقيه» وواضح أنه تصحيف صوابه ما أثبتناه.

<<  <  ج: ص:  >  >>