للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الممدوح المشهور (١) فحملها ومن يليهما إنى الرحبة وسار بهما على طريق الشام إلى مصر فأقامت الجماعة (١٦ - ظ‍) هناك إلى أن تجددت قوة المستولي على مصر فانتقلوا بكليتهم وحصلوا في حيز سيف الدولة أبي الحسن بن حمدان مدة حياته، واستولى جدي على أمره استيلاء يشهد به مدائح أبي نصر بن نباته فيه، ثم غلب أبي من بعده على أمره وأمر ولده غلبة تدل عليها مدائح أبي العباس النامي فيه، ثم شجر بينهما ما يتفق مثله بين المتصاحبين في الدنيا ففارقه من الرحبة، وانحدر إلى الأنبار قاصدا مدينة السلام، فلما حصل بالأنبار وجد العراق مضطربا، وبهاء الدولة رحمه الله في أول أمره غالبا (٢) فخوف من المقام، فركب مغررا بنفسه قاصدا الشام ليتمكن من تعرف أخبارنا وافتكاك إسارنا، فإنا كنا بحلب معوقين من بعده، فلقي بمصر الحظوة التي عرفت، وليتها ما اتفقت، فإن ختامها كان سما زعافا وعقباها كان بورا واجتياحا (٣)، وانتقلت في أثره، وكانت والدتي من أهل العراق، ولنا الى اليوم أملاك بالنعمانية (٤) موروثة، فكنا بمصر زوارا وبالعراق لما انتقلنا إليها قاطنين وألافا فهذا أولا حديث الأصل الذي وقع الاشتباه، وتم التمويه فيه.

ثم أرجع إلى ذكر الدين فإني نشأت وغذيت بكتب الحديث وحفظ‍ القرآن ومناقبة الفقهاء ومجالسة العلماء، والله ما رأيت قط‍ بتلك البلاد مأدبة ولا وليمة الا لعرس، ولا كنت متشاغلا إلا بعلم أو دين، ولقد سلم لي من جزازات كتبي ما هو اليوم دال على تشاغلي بالدين القيم، واستمراري على النهج الأسلم (١٧ - و) لأنه ليس كتاب من كتب السنة إلاّ وقد أحطت به رواية ورمته دراية، وها هنا اليوم نسختان من موطأ مالك سماعي من جهتين، وعليهما خطوط‍ الشيخين والصحيحان لمسلم والبخاري، وجامع سفيان ومسانيد عدة عن التابعين، ولي، وأحمد الله، إملاءات عدة في تفسير القرآن وتأويله وتخريجات من الصحاح المذكورة، وسمعت


(١) -ممدوح المتنبي عندما كان في مصر.
(٢) -انظر حوله كتابي تاريخ العرب والاسلام:٣٢١ - ٣٢٢.
(٣) -في هذا اشارة الى فتك الحاكم بأمر الله بال المغربي.
(٤) -بليدة بين واسط‍ وبغداد على ضفة دجلة. معجم البلدان.

<<  <  ج: ص:  >  >>