وتوجه ابن المغربي قبل وصول هذا الامان اليه الى العراق، وقصد فخر الملك أبا غالب وزير مشرف الدولة أبي علي، وبلغ القادر بالله خبره، فاتهمه بالورود لإفساد الدولة العباسية، وتردد بينه وبين فخر الملك في بابه ما أوجب خروجه الى واسط، وكتب فخر الملك بحراسته هناك ومعرفة حقه، وأقام مدة على هذه الجملة من أمره، حتى إذا توفي فخر الملك شاع في إصلاح القادر بالله، واستعطاف رأيه وابراء ساحته عنده مما كان ظن به وقدر فيه، وعاد الى بغداد وأقام أياما بها، ثم مضى الى قرواش ابن المقلد أمير العرب، وسار معه الى الموصل فأقام بها مدة يسيرة وخافه المعروف بابن أبي الوزير الكافي، وكان إذ ذاك وزيرا لقرواش ومدبرا لأمور دولته، فحمل إليه مالا كثيرا وتقدم له بالرحيل، فسار عنها متوجها الى ديار بكر، وأميرها إذ ذاك نصر الدولة أبو نصر أحمد بن مروان الكردي، فأقام عنده مدة على سبيل الضيافة.
ثم خوطب في التصرف ففعله بعد إباء شديد وامتناع كثير، وكانت لبسته إذ ذاك المرقعة والصوف، ولم تمض إلا مدة يسيرة حتى غير ذلك اللباس، وظهر أمره بعد الالتباس، وانكشفت حاله لجميع الناس، وجرت حاله على ما قال، وقد ابتاع غلاما تركيا كان يهواه قبل أن يبيعه منه مولاه:
فأقام هناك مدة طويلة في أعلى حال، وأجل رتبة، وأعظم منزلة، ثم كوتب من الموصل بالمسير إليها، وعرض عليه صاحبها وزارته، وذلك بعد وفاة الكافي وزيره، فسار عن ميافارقين وديار بكر على سبيل اعتبار الأعمال، وتصفح العمال، وتمادى به السفر الى أن قرب من الموصل، ثم أسرى في الليل فصبح الموصل، واجتمع بصاحبها وقلده وزارته وتردد في الدخول الى الحضرة، ووساطة ما بين السلطان، وبين معتمد الدولة، واجتمع برؤساء الأتراك والديلم واستمالهم، وكان الملك ببغداد إذ ذاك أبو علي بن سلطان الدولة أبي شجاع بن بهاء الدولة أبي نصر بن