قد دعوك الى الشقاق، وأهل العراق من قد جربت قد افسدوا على أبيك وأخيك فاتق الله واذكر الميثاق، فانك متى تكدني أكدك.
فكتب اليه الحسين: أتاني كتابك وأنا بغير الذي بلغك عني جدير، والحسنات لا يهدي لها إلاّ الله وما أردت لك محاربة، ولا عليك خلافا، وما أظن لي عند الله عذرا في نرك جهادك، وما أعلم (٦٠ - و) فتنة أعظم من ولايتك أمر هذه الأمة، فقال معاوية: ان أثرنا بأبي عبد الله إلا أسدا.
وكتب اليه معاوية أيضا في بعض ما بلغه عنه: إني لأظن أن في رأسك نزوة فوددت أن أدركها فأغفرها لك.
قال: وأخبرنا علي بن محمد عن جويريه بن أسماء عن نافع بن شيبة قال: لقي الحسين معاوية بمكة عند الردم فأخذ بخطام راحلته فأناخ به، ثم ساره حسين طويلا وانصرف، فزجر معاوية راحلته: فقال له يزيد: لا يزال رجل قد عرض لك فأناخ بك، قال: دعه لعله يطلبها من غيري فلا يسوغه فيقتله.
رجع الحديث الى الأول، قالوا: ولما حضر معاوية دعا يزيد بن معاوية فأوصاه بما أوصاه به، وقال له: انظر حسين بن علي ابن فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم فإنه أحب الناس الى الناس، فصل رحمه، وارفق به يصلح لك أمره، فإن يك منه بشيء فإني أرجو أن يكفه الله بمن قتل أباه وخذل أخاه، وتوفي معاوية ليلة النصف من رجب سنة ستين، وبايع الناس ليزيد، فكتب يزيد مع عبد الله بن عمرو بن أوس العامري-عامر بن أوفى-الى الوليد بن عتبة بن أبي سفيان وهو على المدينة أن أدع الناس فبايعهم. وابدأ بوجوه قريش، ولكين أول من تبدأ به الحسين بن علي، فان أمير المؤمنين رحمه الله عهد إليّ في أمره الرفق به واستصلاحه، فبعث الوليد من ساعته نصف الليل الى الحسين بن علي وعبد الله ابن الزبير (٦٠ - ظ) فأخبرهما بوفاة معاوية ودعاهما الى البيعة ليزيد، فقال: نصبح وننظر ما يصنع الناس، ووثب الحسين فخرج وخرج معه ابن الزبير وهو يقول: هو يزيد الذي نعرف، والله ما حدث له حزم ولا مروءة، وقد كان الوليد أغلظ للحسين فشتمه الحسين وأخذ بعمامته فنزعها من رأسه فقال الوليد: ان هجنا بأبي عبد الله