قال: أنشدنا أبو عبد الله الحسين بن محمد بن عبد الوهاب الدباس النحوي المعروف بالبارع-بقراءة والدي عليه-يمدح عز الدولة نصر بن منقذ الكناني بشيزر، وذلك في سنة خمس وثمانين:
علا الشيب فاستولى على الهزل جدّه … وأقمر في داج من ألغى رشده
وودعني البيض الأوانس والصبا … عزيز عليّ فقدهن وفقده
وفين لسود حلن بيضا فحلن عن … هواي وهل يصبو إلى الشيء ضده
أشرخ الشباب ابن حميدا فإنني … رزئتك لا أسلم النصل غمده
لقد سل منك الشيب أبيض صارما … على مفرقي يسعى بحقفي فرنده
يمينا لجهلي فيك أشهى من النهى … إليّ مع الشيب الذي جار قصده
أقبل حلول الأربعين تسرعت … طلائعه نحوي وطبّق رفده
أرى كل يوم مرّ من عمر الفتى … إذا ما تقضى أعجز المرء ردّه
وكل نعيم ناله في شبابه … يشاب إذا ما شاب بالصاب شهده
فلا نبعدا عهد الشباب إذ الهوى … عليّ أمير والغواية جنده
وإذ مركبي طرف من الجهل جامح … على الحلم في مضماره ما يصده
وإذ صارم الأفراح واللهو منتضى … على الهمّ في يمناي لم ينب حده
(١٦٣ - و)
أروح وأغدو بين كأس وقينة … وخل ومعشوق الدلال أوده
أمامي الهوى يدعو إلى الغي والصبا … ورائي على الزلات يسحب برده
سقى الله يوما لو يحدّ إذا انقضى … سرور لقلنا ذلك اليوم حدّه
سحبنا فضول الربط فيه إلى الصبا … ندامى صفاء ما يكدر ورده
يدير علينا الكأس أهيف مخطف … إذا ما تثنى أخجل الغصن قده
حكى ما حوت يمناه بالطعم ريقه … وبالفعل عيناه وباللون خده
إذا انجاب عنا غيهب السكر فان … جلى أدار لنا من لحظه ما يمده
إلى أن دجا ليل لصدغيه وان … قضى كبهجته يوم به تمّ سعده
فبتنا نرى أن النجوم بكفه تدا … ر وإن البدر في الحسن عبده
طوى الدهر ذاك العيش إلاّ إذ كاره … وهل ذكر ما أبلى الزمان يجدّه