للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واجتمعت بكر بن وائل الى خالد بن المعمر، فلما تثاقلت ربيعة، تثاقلت العرب أيضا، فضاق معاوية بذلك ذرعا، فبعث الى خالد فقدم عليه، فلما دخل اليه رحب به فقال: كيف ما نحن فيه؟ قال: أرى ملكا طريفا وبغضا تليدا، فقال معاوية: قل ما بدا لك فقد عفونا عنك، ولكن ما بال ربيعة أول الناس في حربنا وآخرهم في سلمنا؟ قال له خالد: انما أتيتك مستأمنا ولم آتك مخاصما ولست للقوم في حجتهم وان ربيعة ان تدخل في طاعتك تنفعك، وان تدخل كرها تكن قلوبها عليك، وأبدانها لك، فاعط‍ الأمان عامتهم: شاهدهم وغائبهم، وأن ينزلوا حيث شاؤوا، فقال:

أفعل، فانصرف خالد الى قومه بذلك، ثم إن معاوية بدا له فبعث الى خالد فدعاه، فلما دخل اليه قال: كيف حبك (٦٨ - و) لعلي؟ قال: أعفني يا أمير المؤمنين مما أكره فأبى أن يعفيه فقال: أحبه والله على حلمه اذا غضب، ووفائه اذا عقد، وصدقه اذا أكد، وعدله اذا حكم، ثم انصرف ولحق بقومه وكتب الى معاوية:

معاوي لا تجهل علينا فإننا … يد لك في اليوم العصيب معاويا

متى تدع فينا دعوة ربعية … يجبك رجال يحصنون العواليا

أجابوا عليا إذ دعاهم لنصره … وجروا بصفين عليك الدواهيا

فإن تصطنعنا يا بن حرب لمثلها … تكن خير من تدعو اذا كنت داعيا

ألم ترى أهديت بكر بن وائل … اليك وكانوا بالعراق أفاعيا

اذا نهشت قال السليم لأهله … رويدا فإني لا أرى لي راقيا

فأضحوا وقد أهدو ثمار … قلوبهم اليك وأفراق الذنوب كماهيا

ودع عنك شيخا قد مضى لسبيله … على أي حاليه مصيبا وخاطيا

فانك لا تستطيع رد الذي مضى … ولا دافعا شيئا اذا كان جائيا

وكنت أمرى يهوى العراق وأهله … اذا أنت حجازي فأصبحت شاميا

وكتب الاعور الشني الى معاوية:

أتاك بسلم الحي بكر بن وائل … وكنت منوطا كالسقيا الموكر

معاوي أكرم خالد بن معمر … فانك لولا خالد لم تؤمر

فخادعته بالله حتى خدعته … ولم يك خبّا خالد بن المعمر (٦٨ - ظ‍)

<<  <  ج: ص:  >  >>