أبي أبو علي المحسن بن علي بن محمد قال: أخبرني محمد بن الحسن-يعني- ابن المظفر الكاتب اللغوي المعروف بالحاتمي، قال أخبرني أبو بكر الصولي. قال التنوخي: وهو فيما أجازه لي أبو بكر الصولي، وقد ذكره في شعر أبي تمام، قال:
حدثنا محمد بن القاسم بن خلاّد قال: رفع بعض العمال الى المعتصم، وكان يلي الخراج في موضع يلي فيه خالد بن يزيد الحرب، أن خالد بن يزيد اقتطع الأموال واحتجز بعضها، فغضب المعتصم وحلف ليأخذن أموال خالد ولينفينه ويعاقبنه، فلجأ خالد الى أحمد بن أبي دؤاد القاضي، فاحتال حتى جمع بينه وبين خصمه فلم تقم على خالد حجة، فعرّف المعتصم ابن أبي دؤاد ذلك، وشفع إليه في خالد، فلم يشفعه، وأحضر خالد وأحضرت آلات العقوبة، وقد كان قبل ذلك (١١٠ - و) قبض أمواله وضياعه وصرفه عن العمل، وحضر ابن أبي دؤاد المجلس، فجلس دون مجلسه الذي كان يجلس فيه، فقال له المعتصم: ارتفع الى مكانك، فقال: يا أمير المؤمنين ما أستحق إلاّ دون هذا المجلس، قال: وكيف؟ قال: الناس يزعمون أنه ليس محلي محل من يشفّع في رجل قرف (١) بما لم يصح، قال: فارتفع الى موضعك، قال: مشفعا أو غير مشفع؟ قال: بل مشفعا قد وهبت لك خالدا ورضيت عنه، قال: إن الناس لا يعلمون بهذا، قال: قد رددت عليه أعماله وضياعه وأمواله، قال: ويشرفه أمير المؤمنين بخلع تظهر للعامة، فأمر أن تفك قيوده، ويخلع عليه، ففعل ذلك ورد الى حضرته، فقال ابن أبي دؤاد: قد استحق هو وأصحابه رزق ستة أشهر، فإن رأى أمير المؤمنين أن يجعلها صلة له؟ قال: ليحمل معه فخرج خالد وعليه الخلع، وبين يديه المال والناس منتظرون الايقاع به، فلما رأوه على تلك الحال سروا، وصاح به رجل: الحمد لله على خلاصك يا سيد العرب، فقال: كذبت سيد العرب والله ابن أبي دؤاد لا أنا وفي هذه القصة يقول أبو تمام الطائي:
يا سائلي عن خالد وفعاله … رد فاعترف علما بغير رشاء
قد كان خطب عاثر فأقاله … رأي الخليفة كوكب الخلفاء
فخرجت منه كالشهاب ولم تزل … مذ كنت خرّاجا من الغماء (١١٠ - ظ)