للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وبعد ذلك بأيام يسيرة وصل الى حلب غلام السلطان محمود واسمه ختلغ آبه بتوقيع عز الدين مسعود بحلب، وصحبته عمدة الدين سنقر الطويل صاحب حران المعروف بدراز، وسلم التوقيع الى تومان بتسليم الموضع الى خطلبا، فلم يقبل واحتج بعلامة بينه وبين عز الدين لم يتضمنها التوقيع واعترف بالخط‍ حسب، وكانت العلامة بينهما صورة غزال، لأن عز الدين كان أحسن الناس نقوشا وتصاوير، وكان من الذكاء على أمر عظيم، وطال الأمر على خطلبا، وأشاروا عليه بالعودة فعاد، وكان عز الدين محاصر الرحبة وفيها قراقش الأمير حسين، رجل فارسي الأصل، فاستأمن ونزل، ونزل الموضع غيره: فمات عز الدين، فوصل في خمسة أيام فوجد مسعودا قد مات، وهو مطروح على قطعة بساط‍ والعسكر مشغولون عن دفنه قد نهب بعضهم بعضا، فعاد خطلبا الى حلب في ثلاثة أيام، وعرف الناس بموته، فأدخله ابن بديع المدينة إلى (١٣٣ - و) داره، واستنزلوا تومان من القلعة بعدما صح عنده وفاة صاحبه فصانعهم على ألف دينار، وسلم القلعة، وملكها خطلبا واستحلفه الحلبيون، واستوثقوا منه، وطلع المركز بتاريخ الخميس لست بقين من جمادى الآخره من هذه السنة والقمر في الجوزاء على قران المريخ، ولما صعد وبقي أياما ظهر أنه من أهل الشر والظلم، فتشوشت قلوب الرعية وحمله قوم من أهل السوء على الطمع فتغير وبدّل ما حلف عليه، وصار يختم على تركة من يموت، ويرفع ماله إليه، ولا يكشف هل له وارث أم لا، وصح هذا عند الأمير بدر الدولة، والرئيس فضائل بن بديع، وأنه قد عوّل على قبضهما، فتحالفا عليه، واتفق معهما أحداث (١) حلب، فقاموا عليه ليلة الثلاثاء ثاني شوال ليلا، والقمر في القوس في ست درج على تسديس زحل، وكان غلمان خطلبا وحجابه وأصحابه في قلة، وكلهم يشربون في البلد لانه عشية عيد الفطر عند أصدقائهم ومعارفهم، فقبضهم الحلبيون وملأوا بهم الحبوس والمساجد، ودار ابن الأقريطشي، وقيدوهم وأصبحوا معتقلين، وزحف الناس كافة إلى باب القلعه، وحصروا القلعة، فقاتلهم النهار أجمع، ولما كان، الليل نزل أحرق القصر الذي لم يكن في البلاد مثله، وأتلف فيه من السقوف


(١) -منظمة شعبية بلدية أشبه بانواع الميليشيات. انظر كتابي امارة حلب: ٢١٦ - ٢٢٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>