للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في بلد اعزاز الى حلب، وترابها كلها أحمر شديد الحمرة، فيحمر الماء لذلك، ويكتسي لونا حسن المنظر.

وقال الصنوبري في قويق:

قويق على الصفراء ركبّ جسمه … رباه بهذا شهّد وحدائقه

فإن جد جد الصيف غادر جسمه … ضئيلا ولكن الشتاء يوافقه (١)

يريد أن أصحاب الامزجة الصفراوية تنحل أجسامهم في الصيف، ويوافقهم الشتاء، ويريد أن قويق يقل ماؤه في الصيف، وهو كذلك لان النهر يبقى حول المدينة كالساقية، لان أهل القرى يسقون من مائه، والذي يصل منه الى حيلان يتقسمه أرباب البساتين الشمالية يسقونها منه، فيقل ماؤه لذلك، وربما انقطع في بعض السنين بالكلية لذلك، ولهذا قال ابن حوقل فيما حكيناه: «وفيه قليل طفس». ثم يزداد قبلي مدينة حلب من عين المباركة، وتدور الارحاء منها.

وللصنوبري أبيات يصف فيها قلة ماء قويق في الصيف أنشدني بعضها والدي رحمه الله.

قويق إذا شم ريح الشتاء … أظهر تيها وكبرا عجيبا

وناسب دجلة والنيل والفرات … بهاء وحسنا وطيبا

وإن أقبل الصيف أبصرته … ذليلا حقيرا حزينا كئيبا (٣٥ - و)

إذا ما الضفادع نادينه … قويق قويق أبى أن يجيبا

فيأوين منه بقايا كسين … من طحلب الصيف ثوبا قشيبا

وتمشي الجرادة فيه فلا … تكاد قوائمها أن تغيبا (٢)


(١) -ديوان الصنوبري ٤٢٤ - ٤٢٥.
(٢) -الديوان نفسه ٤٥١.

<<  <  ج: ص:  >  >>