للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما خمارويه فإنه لما كسر عسكره انهزم الى مصر، فلحقه من رده وأخبره بما تجدد لعسكره (٢٤٠ - و) من الظفر والغلبة، وعاد ونزل الى دمشق، وقدمها سنة ثلاث وسبعين، ثم وصل خمارويه الى حلب، وكاتب ابن أبي الساج، فخطب له ابن أبي الساج في جميع عمله، وقيل ان خمارويه وجه لابن أبي الساج ولكتابه ستمائة ألف دينار وفسدت الحال فيما بين ابن أبي الساج وبين اسحاق بن كندا جيق، وسير ابن أبي الساج ابنه ديوداد الى ابن طولون رهينة، وقدم ابن طولون عبد الله ابن الفتح الى ابن أبي الساج، ثم صار هو اليه بنفسه، فاجتمعوا على محاربة اسحاق ابن كندا جيق وواقعوه في موضع يعرف بقطيعة سليم على ثلاثة فراسخ من الرقة، فانهزم اسحاق، ودخل خمارويه بن طولون وابن أبي الساج الرافقة، فدعوا بها للأمير الناصر أبي أحمد الموفق، وكنبوا إليه بذلك، فلما وردت كتب ابن طولون وابن أبي الساج الى المرافق أنفذ الموفق الحسين بن عطاف الى خمارويه برسائل وكتب معه من الموفق ومن المعتمد بتجديد العقد له على جميع أعمال المعاون والخراج والضياع والبريد: ببرقة، ومصر والاسكندرية، وأسوان، والمعادن، وطريق الحجاز، وفلسطين والأردن وصور ودمشق وحمص والثغور وقنسرين، والعواصم، وديار مضر وما يتصل بها، وتكنيته في كتب أمير المؤمنين وولي عهده، وحمل الحسين بن عطاف معه الخلع والتاج والوشاح والبدنة من الجوهر، واستقامت ولاية ابن طولون على حلب ورتب فيها نوابه، وعاد الى مصر.

وأما ابن أبي الساج فانه فسد الحال فيما بينه وبين خمارويه بعد اجتماعهما (٢٤٠ - ظ‍) على محاربة اسحاق وذلك لأنه كان لابن أبي الساج خادم يقال له نقيطا، فطلبه ابن طولون منه وأخذه شبيها بالقهر فأوحش ذلك ابن أبي الساج، واعتقد عداوته واحتال في مفارقته بأن قال له: ينبغي أن تتوجه في طلب اسحاق لئلا يثبت، فعقد له على ديار مصر وكل ما افتتحه من البلدان وأنفذه في طلب اسحاق، وقد حصل في نفسه منه ما حصل فأنفذ ابن أبي الساج كثير بن سلمة الكلابي أحد قواده فسرق نقيطا الخادم من ابن طولون ببالس ورده إليه، فصارت عداوته لابن طولون مستحكمه، وقصده خمارويه بعد ذلك، وجرت بينه وبينه وقعات كثيره ضعف ابن أبي الساج في آخرها عن مقاومته، لقلة من كان معه، وكثرة من مع ابن طولون،

<<  <  ج: ص:  >  >>