عبد الرحمن بن عيسى السكري قال: حدثنا أبو إسماعيل محمد بن إسماعيل الترمذي وأبو بكر محمد بن صالح الأنماطي، قالا: حدثنا أبو صالح عبد الله بن صالح كاتب الليث بن سعد قال: حدثني الليث بن سعد قال: بلغني أنه كان رجل من بني العيص يقال له حائذ بن أبي شالوم بن العيص بن إسحاق بن إبراهيم نبي الله عليهما السلام، وأنه خرج هاربا من ملك من ملوكهم حتى دخل أرض مصر، وأقام بها سنين، فلما رأى عجائب نيلها وما يأتي به، جعل الله عليه أن لا يفارق ساحله حتى يبلغ منتهاه أو يموت، فسار عليه، قال بعضهم، ثلاثين سنة في الناس، وثلاثين سنة (١٤٤ - ظ) في غير الناس، وقيل خمسة عشر كذا، وخمسة عشر كذا حتى انتهى إلى بحر أخضر، فنظر إلى النيل يشقّ مقبلا، فقعد على البحر، فإذا رجل قائم يصلي تحت شجرة من تفاح فلما رآه استأنس به، وسلم عليه، فسأله الرجل صاحب الشجرة فقال: من أنت؟ فقال له: أنا حائذ بن أبي شالوم بن العيص بن إسحاق عليهما السلام، قال: فمن أنت؟ قال: أنا عمران بن فلان بن العيص بن إسحاق عليه السلام، قال: فما الذي جاء بك هنا يا حائذ؟ قال: جئت من أجل هذا النيل. فما جاء بك يا عمران؟ قال: جاء بي الذي جاء بك حتى انتهيت الى هذا الموضع، فأوحى الله إلي أن قف في هذا الموضع، فأنا واقف حتى يأتيني أمره، قال له حائذ: أخبرني يا عمران ما انتهى إليك من أمر هذا النيل، وهل بلغك في الكتب أن أحدا من بني آدم يبلغه؟ قال له: نعم، قد بلغني أن رجلا من ولد العيص يبلغه، ولا أظنه غيرك يا حائذ، قال له حائذ: يا عمران أخبرني كيف الطريق إليه؟ فقال له: لست أخبرك بشيء إلا أن تجعل لي ما أسألك. قال: وما ذاك؟ قال: إذا رجعت إلي وأنا حي أقمت عندي حتى يوحي الله تعالى إلي بأمره: أو يتوفاني فتدفنني، وإن وجدتني ميتا دفنتني وذهبت، قال: ذلك لك علي، قال له:
سر كما أنت على هذا البحر، فإنك ستأتي على دابة ترى آخرها، ولا ترى أولها، فلا يهولنك أمرها، اركبها فإنها دابة معادية للشمس، فإذا طلعت أهوت إليها