دبيس للامر الذي طلبته، فوجد الأمر بخلاف ذلك فنزل بحلة أخي مرى، وكان بدمشق عند تاج الملوك فوصل إليه رسول نائبه بالحلة يخبره بدبيس، وكانت الحلة نازلة بموضع اسمه قصم، فسأله تاج الملوك فأعلمه، فقال: تخرج اليه الساعة وتشغله عن المسير بحجة الضيافة، فخرج اليه وشغله بالضيافة، ووصل عسكر دمشق فقبضوه وكل من معه، فسير زنكي وطلبه، فسير اليه الى حلب.
وقرأت بخط الوزير جمال الدين عبد الواحد بن مسعود بن الحصين وأنبأنا به-اجازة عنه أبو عبد الله محمد بن محمود بن النجار-قال: في سنة أربع وعشرين وخمسمائة وجد دبيس بن صدقة ضالا بحلة حسان بن مكتوم بأعمال صرخد، فأسره ابن طغتدكين صاحب دمشق وباعه على زنكي بن آق سنقر صاحب حلب بخمسين ألف دينار، وكان زنكي عدوه فما شك دبيس أنه ابتاعه لهلاكه فلما حصل دبيس في قبضة زنكي أكرمه (٣٠٨ - ظ) وخوله وأطلقه وروسل زنكي من دار الخلافة بتسليم دبيس فقبض على الرسول وهو سديد الدولة محمد بن عبد الكريم الانباري كاتب الانشاء.
وقيل بأن زنكي اشتراه بمائة ألف دينار، على ما سنذكره ان شاء الله تعالى.
أخبرنا أبو اليمن الكندي-إجازة-عن الاستاذ محمد بن علي العظيمي ونقلته من خط العظيمي قال: وفي هذه السنة يعني سنة أربع وخمسمائة أظهر العصيان دبيس ابن صدقه الاسدي ملك العرب على الخليفة المسترشد بالله ببغداد، وعلى السلطان محمود، فسار اليه محمود وكسره ونهب الحلة، وهرب دبيس الى الشام فأجاره شهاب الدين بن مالك بالدوسريه (١) وأكرمه وسيره الى نجم الدين بن أرتق الى ماردين، فأكرمه وصارت بينهما زيجة وأعاده الى الحلة.
وقال: وفي جمادى الأولى-يعني-من سنة خمس عشرة كانت كسرة المسلمين ببلاد الكرج، وذلك أن داود ملك الكرج كان قد ظهر على الملك طغرل من الدروب فاستنجد بنجم الدين بن أرتق وجموع التركمان وصحبتهم دبيس بن صدقة
(١) -كان اسم قلعة جعبر قديما «دوسر» وذلك قبل أن يستولي عليها في القرن الخامس هـ جعبر بن سابق القشيري الذي منحها اسمه.