للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والدي حتى بيع الدينار بثلاثين قرطيسا (١). قال: فقال له والدي: يا أيها الملك أرخصت علينا الذهب.

قلت: وقد كان دبيس مع ما ذكر من أفعاله المستقبحة على غاية من الجود، وله خلال محمودة مستملحة فمن ذلك ما أخبرني (٣١٣ - و) به بدران بن حسين ابن مالك قال: لما قبض على دبيس بنواحي دمشق وقيد وسير الى أتابك زنكي الى حلب، وكان اشتراه بمائة ألف دينار جاءه بعض الشعراء وامتدحه في طريقه وهو مقبوض عليه مكبل، ولم يكن معه شيء فكتب له في رقعة هذين البيتين ودفعهما اليه وهما:

الجود فعلي ولكن ليس لي مال … فكيف يفعل من بالفرض يحتال

خذ هاك خطي الى أيام ميسرتي … دينا عليّ فلي في الغيب آمال

قال: فلما قدم حلب على أتابك زنكي أكرمه واحترمه وأنزله دار لاجين بحلب وأعطاه مائة ألف دينار وخلع عليه خلعا سنية فخرج دبيس ذات يوم الى ميدان الحصا يسير فعرض له ذلك الشاعر وقال له: يا أمير لي عليك دين، فقال: والله ما أعرف لأحد علي دينا فقال: بلى وشاهده منك وأخرج له خطه، فلما وقف عليه قال: أي والله دين وأي دين، وأمره أن يأتي اليه اذا نزل فجاءه فأعطاه ألف دينار والخلعة التي خلعها عليه أتابك زنكي وكانت جبة أطلس وعمامة شرب.

أخبرني أبو علي الحسن بن محمد بن اسماعيل النيلي قال: أسر دبيس بناحية الشام فافتداه أتابك الشهيد بمال جزيل، ولما حصل دبيس عند السلطان مسعود كتب السلطان يستدعي أتابك الشهيد ليفتك به، واطلع دبيس على شيء من ذلك فكتب كتابا الى أتابك يحذره فيه من المجيء اليه فامتنع من ذلك فعلم به السلطان مسعود فكان ذلك سبب قتل دبيس. (٣١٣ - ظ‍).

قال لي أبو علي النيلي: وأخبرني بعض أحفاد أتابك الشهيد قال: كان جدي يقول: فديناه بالمال وفدانا بالروح.


(١) -لعله ضرب من الفلوس.

<<  <  ج: ص:  >  >>