من تلاوة» قصدت بها أبا الحسن علي بن موسى الرضا سلام الله عليهما وهو بخراسان ولي عهد المأمون، فوصلت إليه فأنشدته إياها فاستحسنها، وقال لي لا تنشدها أحدا حتى آمرك، واتصل خبري بالمأمون فأحضرني وسألني عن خبري ثم قال لي: يا دعبل أنشدني مدارس آيات، فقلت: لا أعرفها يا أمير المؤمنين، فقال:
يا غلام أحضر أبا الحسن علي بن موسى، قال: فلم يكن بأسرع من أن أحضر، فقال:
يا أبا الحسن سألت دعبلا عن مدارس آيات فذكر أنه لا يعرفها، قال: فالتفت إليّ أبو الحسن وقال: أنشدنا (٣٢٢ - ظ) دعبل فأنشدت القصيدة ولم ينكر ذلك المأمون الى أن بلغت الى بيت منها:
فآل رسول الله هلب رقابهم … وآل زياد غلظ القصرات
فقال: والله لأهيّننّها، ثم تممتها الى آخرها فاستحسنها، وأمر لي بخمسين ألف درهم، وأمر لي علي بن موسى بقريب منها فقلت له: يا سيدي أريد أن تهب لي ثوبا يلي بدنك أتبرك به وأجعله كفنا، فوهب لي ثوبا قد ابتذله ومنشفة، وأظنه قال: وسراويل قال: ووصلني ذو الرئاستين وحملني على برذون أصفر خراساني عجيب، وكنت أسايره في يوم مطير وعليه ممطر خز وبرنس منه، فأمر لي به ودعا بغيره جديد فلبسه، وقال: إنما آثرتك باللبيس لأنه خير الممطرين، قال: فأعطيت به ثمانين دينارا فلم تطب نفسي ببيعه، وقضيت حاجاتي وكررت راجعا الى العراق، فلما صرت ببعض الطريق خرج علينا أكراد يعرفون بالها ونخان فسلبوني وسلبوا القافلة، وكان ذلك في يوم مطير فاعتزلت في قميص خلق قد بقي عليّ وأنا متأسف من جميع ما كان معي على القميص والمنشفة اللذين وهبهما لي علي بن موسى الرضا إذ مرّ بي واحد من الأكراد تحته الأصفر الذي حملني عليه ذو الرئاستين وعليه الممطر الخز، ثم وقف بالقرب مني وابتدأ ينشد «مدارس آيات» ويبكي، فلما رأيت ذلك عجبت من لص يتشيع، ثم طمعت في القميص والمنشفة، فقلت: يا سيدي لمن هذه القصيدة؟ فقال: ما أنت وذاك ويلك، فقلت لي فيه سبب أخبرك به (٣٢٣ - و) فقال: هي أشهر بصاحبها من أن يجهل فقلت: من هو؟ قال: دعبل بن علي الخزاعي شاعر آل محمد جزاه الله خيرا، فقلت له: يا سيدي فأنا والله دعبل