وتركت بالزوراء (١) … أهل قيامة
كان النعيم عليهم قد خلدا
صلى الإله على قبور أئمة … ملئت مع الحلم الشجاعة والندا
صبرا أمير المؤمنين فلم تزل … في كل حادثة بصبرك يقتدى
إن السماء تكاد عند مصابكم … تهوي وعقد الشهب أن يتبددا
وامنح غياث الدين صبرا منك لو … أرشدته يوما إليه لاهتدى
فهو الضعيف إذا تلم ملمة … بكم وما زال القويّ تجلدا
واسلم فلا سعت الليالي بعدها … أبدا إليك بما يسر به العدا
أنشدني الأمير شرف الدين راجح بن اسماعيل بن أبي القاسم الحلي لنفسه بحرّان في الملك الأشرف موسى بن أبي بكر بن أيوب، وذكر لي أنه كان مرض مرضة عظيمة، وكان هو أيضا مريضا، فلما أبل الملك الأشرف من مرضه عوفي الحلي أيضا فأنشده مهنئا:
هاجت فنون الهوى ورقاء في فنن … ناهيك من شجر أمرن بالشجن
ناحت وأفياؤها خضر مراتعها … وإلفها عن فروع البان لم يبن
شدت فأصغيت ملتذا بنغمتها … جهلا فماذا لقلبي هجتم يا أذني
(٣ - و)
وقفت ما بين ملتّف الأراك وبي … من سجعها أنّة النائي عن الوطن
أبكى وتبكي فلولا أن علا نفسي … فاستيقظ الركب لم يدر الجوى بمن
فبعدها لا أرى بالجزع ذا جزع … على الديار ولا بالحزن ذا حزن
وأنت يا حامل الخطىّ معترضا … لقتل عشاقه خفف عن البدن
صل بالقوام ودع ما أنت حامله … فأين من لدنه فعل القنا اللدن
يا من ثنته شمول من شمائله … فاهتز مثل اهتزاز الذابل اليزني
في فترة الطرف أرسلت العذار فما … هذا التثني الذي يدعو إلى الوثن
علمت إذ قمت للعشاق منتصبا … أن سوف تظهر فيهم دولة الفتن
سل خدك الأحمر القاني أيشعر ما … شعاره فهو خوف الثأر في جنن
(١) -هي بغداد.