الى حلب وأقام بمسجد جمال الدين عمك أياما ثم خطر للشيخ أبي الحسن علي الفاسي والشيخ ربيع وعمك أبي غانم أن يمضوا لزيارة الشيخ أبي زكريا الى دير النقيرة فقاموا وخرجوا وخرجت معهم ونحن أربعة نمشي حتى بتنا بأقذار قرية والدك، ثم قمنا منها وصلينا الظهر بحاضر طيء وأقمنا بها الى العصر ثم جئنا الى تل باجر وقت المغرب وكنت أنا والشيخ ربيع صائمين لاني قد آليت على نفسي أن لا أفطر حتى أختم القرآن، ولم أكن ختمته بعد فأتانا الفلاحون بطعام وجاؤوا في جملته بصحن كبير فيه بطة وهم فرحون كيف قدموا لنا بطة حتى نأكلها فقال الشيخ ربيع:
كلوا ولا تأكلوا من هذه البطة شيئا فامتثلنا أمره ولم نأكل منها وأنفسنا تشتهيها فقال الفلاحون: يا مشايخ كلوا فما هو لمن جني بل هو لمن رزق، والتفت الفلاح الذي جاء بها الى رفيقه وقال: يا فلان انظر الى فعل ذلك الظالم كيف ألزمنا وكلفنا عمل هذه البطة وأحوجا الى أن نحتال في ثمنها فلم يجعلها الله في رزقه وكانت في رزق هؤلاء السادة، فلما سمعنا منه نظر كل منا الى صاحبه وسكت وحمدنا الله تعالى على (٤١ - ظ) ذلك وعلمنا أن الشيخ ربيع كوشف بذلك.
قال لي يوسف المنبجي: وحججت في بعض السنين قبل أن يفتح البيت المقدس بسنة وكنت قد حججت ماشيا في ذلك العام واجتمعت بالشيخ ربيع بمكة، ولم يشعر بي إلاّ وأنا نائم على باب قبة الشراب وكنت قد قيل لي إنه ساكن بها، فرحب بي وقال لي: أنت رفيقي الى الشام بعد الوقفة في هذه السنة فان في هذه السنة الآتية يفتح الله البيت المقدس وبلاد الفرنج ولا تعلم بذلك أحدا، فخرجت بعد قضاء الحج في صحبته فلما أشرفنا على دمشق نزلنا من المحارة وقال للجمال: أنت في حل مما فيها وكان فيها له أشياء مما يحتاج اليه وأقمنا في دمشق أياما ثم صعدنا الى طبرية وقدر الله أن فتحت القدس والساحل في تلك السنة، وحضرت معه فتوح البلاد كلها.
قال لي يوسف المنبجي: وكنت مجاورا مع الشيخ ربيع في بعض السنين وأنا إذ ذاك صبي فاشتقت الى أهلي وقلت: هذه السنة أخرج الى أهلي إن جاءني من أعرف منهم، فلما قضى الحج ولم أر أحدا من أهلي ولا ممن أعرف من البلاد جئت