الحصار وأضرّ ذلك بالناس، وجهدوا، وداهن محمد بن عبد الله بن طاهر في نصرة المستعين، ومال الى المعتز وكاتب سرا، فضعف أمر المستعين، ووقف أهل بغداد على مداهنة ابن طاهر فصيحوا به وكاشفوه، فانتقل المستعين بالله من دار محمد ابن عبد الله إلى الرصافة فنزلها، وسعي في الصلح على خلع المستعين وتسليم الأمر للمعتز حتى تقرّر الأمر على ذلك، وسعى فيه رجال من الوجوه منهم:
اسماعيل بن اسحاق القاضي وغيره، ووقعت فيه شرائط مؤكدة فخلع المستعين بالله نفسه ببغداد في الرصافة يوم الجمعة لاربع خلون من المحرم سنة اثنتين وخمسين ومائتين وسلّم الأمر للمعتز بالله وبايع له وأشهد على نفسه بذلك من حضره من الهاشميين والقضاة وغيرهم، فكانت خلافة المستعين بالله منذ يوم بويع له بسرّمن رأى بعد وفاة المستنصر بالله إلى يوم خلع ببغداد ثلاث سنين وتسعة أشهر وأحدر المستعين بعد خلعه الى واسط موكلا به فخرج من مدينة السلام ليلة الجمعة لاحدى عشرة خلت من المحرم بعد خلعه بثمانية أيام، فوصل واسط وأقام بها تسعة أشهر في التوكيل، ثم حمل إلى سرّ من رأى فقتل بقادسية سرّ من رأى لثلاث (١٥١ - و) خلون من شوال، وقيل ليومين بقيا من شهر رمضان سنة اثنتين وخمسين ومائتين، فتوفي وله من السن احد (١) وثلاثون سنة وشهران ونيف وعشرون يوما، وكان المستعين مربوعا أحمر الوجه خفيف العارضين بمقدم رأسه طول، حسن الجسم بوجهه أثر جدري في لسانه لثغة على السين يميل بها الى الثاء.
أنبأنا أبو اليمن زيد بن الحسن الكندي قال: أخبرنا أبو غالب أحمد وأبو عبد الله يحيى ابنا أبي علي قالا: أخبرنا أبو الحسين بن الآبنوسي قال: أخبرنا احمد بن عبيد-إجازة-قالا: وأخبرنا أبو تمام علي بن محمد-في كتابه-قال:
أخبرنا أبو بكر بن بيري-قراءة علينا-قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن الحسين بن محمد الزعفراني قال: حدثنا أبو بكر بن أبي خيثمة قال: بويع المعتز بالله-واسمه-الزبير بن جعفر، ويكنى أبا عبد الله في آخر سنة إحدى وخمسين ومائتين، وجددت له البيعة سنة اثنتين وخمسين ومائتين في المحرم، وفي هذه السنة قتل المستعين، وقتل المعتز في رجب سنة خمس وخمسين ومائتين.
(١) -كذا بالاصل والصواب «احدى» ومرد هذا الى مصدر ابن العديم الذي اعتاد النقل بأمانة دونما أدنى تعديل.