للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الى دمشق، وحكى عن المتوكل وعن ذي النون المصري حكى عنه عيسى البغدادي.

وجاء في فتنة المعتز والمستعين الى ناحية حلب ومنبج ومعه الشارباميان (١) ومظفر بن كندر وأقاموا على بيعة المستعين وجرت لهم أحوال بتلك الناحية.

أنبأنا أبو الحجاج يوسف بن خليل قال: أخبرنا أبو المكارم اللبان قال: أخبرنا أبو علي الحداد قال: أخبرنا أبو نعيم الحافظ‍ قال: حدثنا عثمان بن محمد-هو- العثماني قال: قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن عيسى قال: حدثني محمد بن أحمد الحذاء قال: سمعت هارون بن عيسى البغدادي يقول: حدثني أبي عن زرافة صاحب المتوكل قال: لما انصرف ذو النون من عند أمير المؤمنين، دخل عليّ ليودعني فقلت له: اكتب لي دعوة ففعل، فقربت إليه جام لوزينج فقلت له: كل من هذا فإنه يرّزّن الدماغ (٢) وينفع العقل، فقال: العقل ينفعه غير هذا، قلت:

وما ينفعه؟ قال: اتباع أمر (١٧١ - ظ‍) الله والانتهاء عن نهيه، أما علمت أن البني صلى الله عليه وسلم قال: إنما العاقل من عقل عن الله أمره ونهيه، فقلت له:

أكرمني بأكلة، فقال: أريد ألذ من هذا، فقلت له: وأي شيء ألذ من هذا؟ فقال: هذا لمن لا يعرف الحلواء ولا يعرف أكله، وإن أهل معرفة الله يتخذون خلاف هذا اللوزينج، قلت: لا أظن أحدا في الدنيا يحسن أن يتخذ أجود من هذا، وإن هذا من مطبخ أمير المؤمنين المتوكل على الله، فقال: أنا أصف لك لوزينج المتوكل على الله، فقلت: هات الله أبوك، فقال: خذ لباب مكنون محض طعام المعرفة، واعجنه بماء الاجتهاد، وانصب أثقيّه الانكماد، وطابق صفو الوداد، ثم اخبز خبز لوزينج العبّاد، بحر نيران نفس الزهاد، وأوقده بحطب الأسى حتى ترمي نيران وقودها بشرر الضنا، ثم احش ذلك بقند (٣) الرضى، ولوز الشجا مرضوضان بمهراس الوفا، مطيبان بطيبة رقة عشق الهوا، ثم اطوه طي الأكياس للأيام بالعزا، وقطعه بسكاكين السهر جوف الدجى، ورفض لذيد الكرى، ونضّده على جامات القلق والشهق، وانثر عليه سكرا يعمل من زفرات الحرق، ثم كل


(١) -هرثمة شارباميان، كان من كبار القادة. انظر الطبري:٩/ ١٥٨.
(٢) -يقوي. القاموس.
(٣) -القند: السكر.

<<  <  ج: ص:  >  >>