للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الله صلى الله عليه وسلم ليلة أسري به رأى زكريا عليه السلام في السماء فسلم عليه، فقال له: يا أبا يحيى خبرني عن قتلك كيف كان، ولم قتلك بنو اسرائيل؟ قال: يا محمد أخبرك أن يحيى كان خير أهل زمانه، وكان أجملهم وأصبحهم وجها وكان كما قال الله: «سيدا وحصورا» وكان لا يحتاج الى النساء فهويه امرأة ملك بني اسرائيل، وكانت بغيّه، فأرسلت اليه وعصمه الله وامتنع يحيى، وأبى عليها، وأجمعت على قتل يحيى ولهم عيد يجتمعون في كل عام، وكانت سنّه الملك أن يوعد ولا يخلف ولا يكذب، قال: فخرج الملك الى العيد، فقامت امرأته تشيعه، وكان بها معجبا، ولم تكن تفعله فيما مضى، فلما أن شيعته قال الملك: سليني فما سألتني شيئا إلاّ أعطيتك، قالت: أريد دم يحيى بن زكريا قال: سليني غيره، قالت:

هو ذاك، قال: هو لك، قال: فبعثت جلاوزتها الى يحيى وهو في محرابه يصلي، وأنا الى جانبه أصلي، قال: فذبح في طست وحمل رأسه ودمه اليها، قال: فقال النبي صلى الله عليه وسلم: فما بلغ من صبرك؟ قال: ما انفتلت من صلاتي، قال:

فلما حمل برأسه اليها، فوضع بين يديها، فلما أمسوا خسف الله بالملك وبأهل بيته، وحشمه، فلما أصبحوا قالت بنو اسرائيل: قد غضب إله (١٨٧ - ظ‍) زكريا لزكريا فتعالوا حتى نغضب لملكنا، فنقتل زكريا، قال: فخرجوا في طلبي ليقتلوني، فجاءني النذير فهربت منهم، وابليس أمامهم يدلهم عليّ، فلما تخوفت أن أعجزهم، عرضت لي شجرة فنادتني فقالت: إليّ، وانصدعت لي، فدخلت فيها، قال: وجاء ابليس حتى أخذ بطرف ردائي، والتأمت الشجرة، وبقي طرف ردائي خارجا من الشجرة، وجاءت بنو اسرائيل، فقال ابليس: أما رأيتموه دخل هذه الشجرة وهذا طرف ردائه، دخلها بسحره، فقالوا: نحرق هذه الشجرة، فقال ابليس: شقوه بالمنشار شقا، قال فشققت مع الشجرة بالمنشار، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم:

يا زكريا هل وجدت له مسّا أو وجعا؟ قال: لا انما وجدت ذلك الشجرة، جعل الله روحي فيها.

قال: وحدثنا اسحاق قال: حدثنا ادريس عن وهب قال: ان الذي انصدعت له الشجرة ودخل فيها كان أشعيا قبل عيسى، وان زكريا مات موتا، فالله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>