والأثارب وزردنا وتل أعذى، وبزاعا، وسروج والرها، وكان له أثر عظيم (٢٠٧ - و) في نصرة الإسلام، وكف عادية الفرنج ومهد لمن بعده فتح البلاد، بعد أن كان الفرنح قد ضايقوا مدينة حلب واستولوا على حصونها، وأخذوا المناصفة من المسامين الى بابها، فأغاثهم الله بزنكي وبولده من بعده.
وكان زنكي ملكا عظيما وشجاعا جبارا، كثير العظمة والتجبر، وهو مع ذلك يراعي أحوال الشرع وينقاد إليه، ويكرم أهل العلم، وبلغني أنه كان إذا قيل له:
أما تخاف الله خاف من ذلك، وتصاغر في نفسه فأظهر الله تعالى سره المحمود في ولده محمود.
أنبأنا أبو اليمن الكندي عن الأستاذ أبي عبد الله محمد بن علي العظيمي -ونقلته من خط العظيمي-قال في حوادث سنة إحدى وعشرين وخمسمائة قال، بعد ذكر حصار الحلبين وبدر الدولة بن أرتق وابراهيم بن الملك رضوان ختلغ آبه غلام السلطان محمود: وطال الأمر على ختلغ آبه وحفروا خندقا حول القلعة، فكلما خرج منها رجل أو دخل اليها أخذ، الى نصف ذي الحجة وصل الأمير سنقر دراز، والأمير حسن قراقش، وجماعة أمراء في عسكر قوي الى باب حلب، واتفق الأمر على أن يسير بدر الدولة وختلغ آبه الى باب الموصل الى عماد الدين قسيم الدولة بن قسيم الدولة زنكي بن آق سنقر، الى الموصل، فلمن ولى عاد الى منصبه، وأقام بحلب الأمير حسن قراقش والرئيس ابن بديع، فأصلح عماد الدين بينهما، ولم يوقع لأحد منهما، وطمع (٢٠٧ - ظ) بملك البلد، وسير سرية الى حلب مع الأمير الحاجب صلاح الدين العمادي، فوصل الى حلب، وأطلع الى القلعة واليا من قبله، ورتب الأمور وجرت على يده على السداد، وهو الذي تولى إنزاله وإليه إطمأن.
وقال العظيمي: سنة اثنتين وعشرين وخمسمائة، في جمادى الآخرة منها وصل الأمير عماد الدين قسيم الدولة أبو سعيد زنكي بن آق سنقر قسيم الدولة الى حلب وملكها، وصعد القلعة، وبات بها وعاد الى نقرة بني أسد، وقبض على ختلغ آبه، وحمله الى حلب وسلّمه الى عدوه ابن بديع، فكحلوه بداره في النصف من رجب.