للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عنها، فقال أتابك: (٢١٢ - و) اشهد على أنها طالق، قال: فأرسل والدي حينئذ لجام الدابة من يده، وقال: أما الساعة فنعم.

وسمعت عمي أبا غانم يقول: قال لي والدي أبو الفضل: لما مات أبي القاضي أبو غانم ولاني أتابك زنكي القضاء بعده على أهل حلب وأعمالها وأحضرني مجلسه، وقال لي: يا قاضي هذا أمر قد نزعته من عنقي وقلدتك اياه فانظر كيف تكون واتق الله ساو بين الخصمين هكذا، وجمع بين سبابته ووسطاه، ولا تمل على أحد الخصمين ولا تحاب أحدا ومن امتنع عليك فها إنّا من ورائك.

أخبرني أبو محمد عبد اللطيف بن محمد بن أبي الكرم بن المعلى السنجاري قال: أخبرني أبي قال: كان بالموصل رجل من أهل الصلاح ينكر المنكر أين رآه، فإن رأى خمرا أراقه أو رأى جنكا (١) أو عودا كسره، فيضرب على ذلك، فيجلس في بيته ويداوي أثر الضرب، ثم يخرج، فإن رأى منكرا أنكره على عادته، فيضرب ضربا عنيفا، فيجلس في البيت على العادة ويداوي نفسه الى أن يبرئ ويخرج وينكر على عادته، فاتفق يوما من الأيام أن خرج فنظر الى دجلة، وزنكي بن آق سنقر راكب في شبارة (٢) وعنده مغنية تغني، وهو يشرب، وعنده جماعة، فنزع ذلك الرجل ثيابه وسبح وجاء الى الشبارة التي فيها زنكي، فعلّق (٢١٢ - ظ‍) يده فيها ليصعد، فقال بعض من مع زنكي: أأضرب يده بالسيف؟ فقال: لا اتركه، فتعلق وصعد فجلس فأشار ذلك الشخص الى زنكي أأضربه؟ فقال: لا اتركه، فقعد في الشبارة وأخذ الجنك وقطع أوتاره ثم أخذ الأقداح وصبها في دجلة وغسلها بالماء وتركها في الشبارة، وألقى جميع ما ثم من الخمر في الماء، وغسل الآنية وتركها، ثم مد يده الى إزار المغنية فأخذه وسترها به، ثم ألقى بنفسه في دجلة وسبح وعبر، ولم يكلمه زنكي كلمة، وأما زنكي فإنه لما سبح ذلك الرجل وعبر قال: نرجع وندخل الى دورنا فليس لنا في هذا اليوم اشتغال بما كنا فيه، وأمر الملاحين فأتوا بالشبارة الى داره فنزل فيها.


(١) -آلة موسيقية هي ال. praHnaisreP ‍ معجم الموسيقى العربية.
(٢) -من أنواع القوارب.

<<  <  ج: ص:  >  >>