للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أي بنية أين كنت؟ وقام اليها يقبلها ويشم ريحها، فقالت: يا أبة أتذكر ليلة الغدير؟ قال: نعم قالت فانه: واقعني عليه جان فاختطفني فذهب بي، فلم أزل فيهم حتى اذا كان الآن غزا هو وأهله قوما مشركين، أو غزاهم قوم مشركون، فجعل عليه نذرا إن هم ظفروا بعدوهم أن يعتقني ويردني الى أهلي، فظفروا فحملني فأصبحت عندكم، وقد جعل بيني وبينه أمارة ان احتجت اليه أن أولول بصوتي، فانه يحضرني، قال: فأخذ أبوها من شعرها وأظفارها وأصلح من شأنها وزوجها رجلا من أهله، فوقع بينها وبينه ذات يوم ما يقع بين المرأة وبعلها فعيرها وقال: يا مجنونة ان نشأت إلاّ في الجن، فصاحت وولوت بأعلى صوتها، فاذا هاتف يهتف: يا معشر بني الحارث اجتمعوا وكونوا حيا كراما، فاجتمعنا فقلنا: ما أنت رحمك الله فإنّا نسمع صوتا ولا نرى شخصا؟ فقال: أنا رأت فلانة؟ رعيتها في الجاهلية بحسبي، وصنتها في الاسلام بديني والله ما نلت منها محرما قط‍، واستغاثت في هذا الوقت فحضرتها، فسألتها عن أمرها، فزعمت أن زوجها عيرها بأن كانت فينا، والله لو كنت تقدمت اليه لفقأت عينه، قال: فقلنا يا عبد الله لك الحباء والجزاء والمكافأة، فقال: ذلك اليه، يعني الزوج.

قال: فقامت اليه عجوز من الحي، فقالت: أسألك عن شيء؟ قال: سلي، قالت: ان لي بنية عروسا أصابها حصبة فتمزق (٥٤ - و) رأسها وقد أخذتها حمى الربع فهل لها من دواء؟ قال: نعم اعمدي الى ذبان الماء الطويل القوائم، الذي يكون على أفواه الأنهار، فخذي منها واحدة فاجعليه في سبعة ألوان عهن (١) أصفرها وأحمرها وأخضرها وأسودها وأحمرها (٢) وأبيضها وأكحلها وأزرقها، ثم افتلي ذلك الصوف بأطراف أصابعك، ثم اعقديه على عضدها اليسرى، ففعلت أمها ذلك، فكأنما نشطت من عقال.

أنبأنا أبو المحاسن سليمان بن الفضل قال: أخبرنا الحافظ‍ أبو القاسم علي بن الحسن قال: قرأت بخط‍ أبي الحسين الرازي: أخبرنا أحمد بن عمير قال: حدثنا معاوية بن صالح قال: حدثني عبد الغفار بن اسماعيل بن معاوية عن أبيه عن أبي


(١) -العهن: الصوف الملون، الواحدة عهنة. النهاية لابن الاثير.
(٢) -كذا بالاصل كرر «أحمرها».

<<  <  ج: ص:  >  >>