سابور ذو الأكتاف فظفر به أبو الياس إما في حربه، واما لان سابور-كما يقال-.
مضى الى أرض الروم ليقتص أمرها. ففطن له وقبض عليه، فكيف ما كان فقد دخل أنطاكية.
وقيل أن أبو الياس سار الى أرض العجم حتى بلغ جندي سابور فحصرها فاستصعب عليه فتحها، وكان سابور محبوسا في قصر أبو الياس فعشقته ابنة الملك، فخلصته فطوى البلد متخفيا الى أن وصل جنديسابور، فدخلها وقويت نفوس من بها من أصحابه وخرجوا من فورهم فأوقعوا بالروم تفاؤلا بخلاص سابور، فأسروا أبو الياس فقتله سابور ذو الاكتاف، واختلفت الروم فيمن يولونه وضعفوا عن مقاومته وكان لسابور عناية بقسطنطين فولاه على الروم، ومنّ عليهم بسببه وجعل لهم طريقا الى الخروج من بلاده، بعد أن شرط على قسطنطين بأن يغرس إزاء كل نخلة قطعت من أرض السواد وبلاده شجرة زيتون، وأن ينفذ إليه من ببلاد الروم فوفى له (١٥١ - و).
وقع إليّ كتاب يتضمن أخبار الفرس لم يذكر اسم مؤلفه، فنقلت منه: فلما بلغ سابور ست عشرة سنة واشتد عظمه، وقوي على حمل السلاح، جمع اليه عظماء أهل مملكته، ثم قام وخطبهم وحمد الله ووعظهم، ثم أمرهم أن يختاروا نجدائهم وأهل البأس منهم ألف أسوار، ففعلوا، وعرضوا عليه بأسلحتهم وكراعهم، فأقام لهم ما يكفيهم وأولادهم من الارزاق والاطعمة، ثم جمع الألف إليه وحثهم على القيام بحفظ البلاد، وكانت الاحوال بسبب صغر سنه قد اختلت فأجابوه بما يؤثره، ثم سار الى النواحي التي كانت العرب فيها فقتل من قدر عليه منهم وهرب بقيتهم حتى لحقوا ببلادهم فقطع البحر حتى أتى الخط (١)، ثم غزا بلاد البحرين فجعل لا يبقي على شيء قتلا واخرابا، غير أنه لم يكن يأخذ لهم سلبا ولا مالا، ثم مضى الى هجر فأعظم المقتلة فيهم، ثم أتى عبد القيس ففعل بهم مثل ذلك حتى أبادهم، وفعل ذلك باليمامة وما يليها، وقتل بالمدينة وخيبر ثم هبط الى ما يلي الشام من بلادهم ففعل مثل ذلك بهم وقال: هذا جزاؤكم بما كان من بغيكم علينا وافسادكم في بلادنا
(١) -الخط هو خط عمان أي ساحل بحر عمان، معجم البلدان.