للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يقتلوه، فأسروا قيصر واستباحوا ما كان معه من أمواله وأمتعته ونسائه، فأمر بكل ما كان معه من السبي فرد الى بلادهم وأرضهم، وبما كانوا أصابوا أن يدفع الى من كان له.

وأوثق قيصر حديدا وقال: إني مكافئك بما أوليتني كما أحببتني، وآخذك باصلاح ما أفسدت وعمارة ما أخربت من أرضي، فلست ببارح حتى تغرس مكان كل نخلة اقتلعتها أو شجرة عقرتها زيتونة، وحتى تبني كل مدينة أخربتها أو بناء هدمته بنفقتك وعمالك.

وكتب قيصر الى الروم يسألهم أن يفدوه بذلك، فحملوا التراب من أرض الشام حتى عمروا به المدائن، فبنوا له المدينة العتيقة، وبنوا ما هدموا من جنديسابور بالآجر والجص، فصار سور تلك المدينة نصفا آجر ونصفا لبن، وغرسوا الزيتون بأرض فارس والاهواز والسواد، ولم يكن قبل ذلك بها زيتون، فلما قضى سابور حاجته من قيصر سأله أن (١٥٣ - ظ‍) يخلي سبيله، ورغب اليه في ذلك، فقطع عقيبه وكفه، وقال: هذا جزاؤك بما ابتدأت به من الظلم والعدوان والبغي، ثم حمله على حمار وبعثه الى الروم فلذلك ما تركت الروم اتخاذ الاعقاب للخفاف وركوب الدواب.

ثم أقام سابور في ملكه، وأقبل على عمارة بلاده واصلاحه مملكته ومكث بذلك حينا، ثم سار الى أرض الروم فقتل فيهم مقتلة عظيمة، وسبى منهم سبايا كثيرة، وبنى بالسوس مدينة وسماها أبر أبحره سابور، وعمد الى السبي الذين جاء بهم من الروم فأسكنهم تلك المدينة، ثم عفا عن العرب واستصلحهم وأسكن ما أصاب من سبايا العرب من بني تغلب براري وسماهيج (١) والخط‍، ومن سبى من عبد القيس وأفخاذ من تميم بهجر (٢)، ومن سبى من بكر بن وائل بكرمان، ومن سبى من بني حنظلة وتنوخ بالاهواز، وانما كان يسكن كل قوم ممن يسبي فيما يوافق بلادهم من الارضين، وبنى مدينة أخرى بنيسابور ومدائن أخر بالسند


(١) -سماهيج اسم جزيرة في وسط‍ البحر بين عمان والبحرين. معجم البلدان.
(٢) -هجر حاضرة البحرين. معجم البلدان.

<<  <  ج: ص:  >  >>