للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الى صالح فأخذ منه أمانا لنفسه ولأهل حلب، وسلم المدينة الى صالح يوم السبت لثلاث عشرة ليلة خلت من ذي القعدة من سنة خمس عشر وأربعمائة، واحتمى ثعبان في القصر وموصوف في القلعة، ونصبت العرادات والمنجنيقات عليهما، وولى صالح سالما حلب وجعل إليه الرئاسة بها، وتقدمة الأحداث، ورتبه وكاتبه سليمان ابن طوق على قتال القلعة والقصر، وسار صالح الى قتال أنوشتكين الدزبري، فقل الماء بالقلعة، وعمل عليها رجل أسود يعرف بأبي جمعة، وكان عريف المصامدة (١)، وكان ينزل الى المدينة، ويصعد الى القلعة، فأفسده سالم بن مستفاد، وسليمان ابن طوق (٢٠٢ - و) فلما جاء أبو جمعة ليصعد الى القلعة في بعض الأيام، تقدم موصوف الخادم برد الباب في وجهه فرد، فصاح الى أصحابه فالتقت المصامدة والعبيد ونصبوا الصلبان ثلاثة أيام، ودعوا لملك الروم ولعنوا الظاهر، وقاتلوا القلعة، ثم نفروا وحملوا المصاحف على أطراف الرماح في الاسواق ونادوا النفير، ووقع الصوت الى الحلبيين، فنفروا من كل جانب وزحفوا الى القلعة من كل جانب واستأمن جماعة من المغاربة الذين كانوا في القلعة، وطيف بهم في المدينة، وبسطت ثياب الديباج والسقلاطون (٢) وبذر المال مقابل القلعة، وبذل ذلك لمن ينزل الى ابن مستفاد وابن طوق، فطلعوا الى القلعة من كل مكان، ودخل ابن مستفاد وابن طوق القلعة يوم الأربعاء مستهل جمادى الأولى سنة ست عشرة وأربعمائة وقبض على موصوف وثعبان وبقيا الى أن وصل صالح وفعل بهما ما سنذكره فيما بعد إن شاء الله تعالى (٣).

ودام ابن مستفاد في الكرامة وعلو المرتبة في أيام صالح وبعد موته الى أن استوحش سالم بن مستفاد من شبل الدولة نصر بن صالح في سنة ثلاث وعشرين وأربعمائة فاستنفر عليه سالم أحداث حلب ورعاعها، ولبسوا السلاح وعولوا على محاربة القلعة، وكان يتردد بين سالم وبين نصر كاتب نصراني يعرف بتوما، وكان


(١) -نسبة الى قبيلة مصمودة المغربية، وذلك أن الخلافة الفاطمية اعتمدت على عناصر من كتامة ومن مصمودة وقبائل مغربية أخرى.
(٢) -من الأقمشة الحريرية الرفيعة الثمن.
(٣) -أطلق صالح سراح ثعبان مقابل فدية وقتل موصوفا: انظر كتابي امارة حلب:٧٨ - ٨١.

<<  <  ج: ص:  >  >>