الرؤيا، فشهق وأجهش بالبكاء، وحلف بالله إن كانت خرجت من فمي أو خطي الى أحد، وإن كنت نظمتها إلاّ في ليلتي هذه وهي:
ملكنا فكان العفو منا سجية … فلما ملكتم سال بالدم أبطح
وحلّلتم قتل الأسير وطالما … غدونا عن الأسرى نعفّ ونصفح
ولا غرو فيما بيننا من تفاوت … فكل إناء بالذي فيه ينضح
أنشدني هذه الأبيات الثلاثة أبو الطليق معتوق بن أبي السعود المقرئ البغدادي قال: أنشدنيها جمال الدين أبو غالب بن الحصين قال: أنشدنيها الحيص بيص لنفسه.
سمعت القاضي شمس الدين أبا نصر محمد بن هبة الله بن الشيرازي الدمشقي بها قال: سمعت ملك النحاة أبا نزار يقول للحيص بيص بيتان من الشعر، وددت أنهما لي بجميع شعري وهما:
سأرحل عن بغداد لا عن ملالة … الى بلد يحنو عليّ أميرها
الى بلدة فيها الكلاب بحالها … كلاب وما ردّت إليها أمورها
أخبرني بعض أهل الأدب في المذاكرة وأنسيته قال: طلب بعض الوزراء ببغداد إما علي بن طراد أو ابن هبيرة الحيص بيص ليحضر طبقه (٢٧٤ - ظ) وقت الافطار في شهر رمضان، فكره ذلك كيلا يترفع عليه أحد في مجلس الوزير، فكتب الى الوزير بهذه الأبيات:
يا باذل الجود في عدم وفي سعة … ومطعم الزاد في صبح وفي غسق
وما شر الناس أغنتهم مواهبه … الى مزيد من النعماء مندفق
في كل بيت خوان من فواضله … يميزهم وهو يدعوهم الى الطبق
فاض النوال فلولا خوف مفعمه … من بأس عدلك نادى الناس بالغرق
فكل أرض بها صوب وساكبه … حتى الوغى من نجيع الخيل والعرق
صن منكبي عن زحام ان غضبت … له تمكن الطعن من عقلي ومن خلقي
وإن رضيت به فالذل منقصة … وكم تكلفته حملا فلم ألحق