للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عند نور الدين ومن بعده من الملوك الى أن تناقصت في أيام الملك الناصر صلاح الدين (١) فلزم مكانه بالمدرسة، ثم عظم بعد ذلك أمره عند الملك الظاهر وما زال يحترمه الى أن مات.

وقال لي السديد النقيب داود البصراوي: كان الكاساني يصعد الى قلعة حلب راكبا وينزل حيث ينزل الملك الظاهر، فاتفق أن صعد يوما والفقهاء بأجمعهم بين يديه، فلما وصل الى باب القلعة قام البواب وقال: يدخل الشيخ، ويرجع الفقهاء، فلوى الشيخ عنان (٢٨ - و) حصانه وقال: يرجع الشيخ أيضا، فبلغ الملك الظاهر، فأرسل في الحال من أدخل الشيخ والفقهاء معه الى أن نزل الشيخ حيث ينزل، ودخل الشيخ والفقهاء معه الى مجلسه.

قلت: ولما توفي الكاساني تولى الملك الظاهر تربية ولده وكان صبيا واستخدم عتقاءه وولاهم تربية ولده بالقلعة، واجتهد في اشغاله بالفقه فلم ينجب.

قال لي خليفة بن سليمان: مات علاء الدين الكاساني يوم الاحد بعد الظهر وهو عاشر رجب في سنة سبع وثمانين وخمسمائة، ثم فرأت بخط‍ خليفة على ظهر كتاب: توفي الاستاذ الامام علاء الدين الكاساني ذو المكارم أبو بكر بن مسعود عاشر رجب بعد الظهر سنة سبع وثمانين وخمسمائة، وتولى التدريس بعده الاستاذ الامام افتخار الدين في سابع عشر رجب.

سمعت ضياء الدين محمد بن خميس الوكيل المعروف بابن المغربي يقول:

حضرت الشيخ علاء الدين الكاساني عند موته، فشرع في قراءة سورة ابراهيم عليه السلام حتى انتهى الى قوله تعالى: «يُثَبِّتُ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثّابِتِ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَفِي الْآخِرَةِ» (٢) فخرجت روحه عند فراغه من قوله: «في الاخرة».

قلت: ودفن رحمه الله داخل مقام ابراهيم عليه السلام ظاهر حلب في قبة من شماليه كان دفن فيها زوجه فاطمة بنت علاء الدين السمر قندي ولم يقطع (٢٨ - ظ‍)


(١) كان صلاح الدين شافعي المذهب.
(٢) سورة ابراهيم-الآية:٢٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>