للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذا الطريق وما أظنه قال لك في أن أجيء، فقلت لما غشيني من الوحشة في الطريق والجزع: بلى قال لي تأخذه وتجيء، فجاء صحبتي الى المكان الذي به الشيخ، ووضعت المرجل على رأسي لأستظل به من الحر، فلما جئته قال لي: وما الذي حملك على أن تعني الرجل الى ها هنا؟ فقلت ما وجدته في الطريق من السباع والفرنج، فقال لي: أولم يكفك ما شاهدته في طريقك وما الذي يؤمنك أن يكون في المرجل عقرب تلدغك الساعة؟ قال: فما استتم الشيخ كلامه حتى لدغتني عقرب بين عيني وسقطت لوجهي وبقيت مطروحا ساعة حتى جاء الشيخ وأمرّ يده على الموضع فسكن وقمت.

قلت: ذاكرت بهذه الحكاية الشيخ الفقيه محمد اليونيني، فعرفها وقال:

الموضع الذي كان الشيخ به، وجرى له فيه هذه القضية هي يونين (١)، وهذه القرية خرج منها جماعة من الصالحين ودخلتها غير مرة.

أخبرني عمي جمال الدين أبو غانم بن هبة الله قال: حدثني الشيخ أبو محمد ابن الحداد (٦٧ - ظ‍) الحلبي قال: حدثني الشيخ أبو الحسين الزاهد قال:

كنت يوما بالقحوانة (٢) فصادفت جماعة من خيالة الفرنج وهم يشربون، فجئت الى قرية من قرى المسلمين التي تجاورهم وتقرب منهم، فقلت لهم: تعالوا حتى أعطيكم خيول الفرنج، قال: فأخذتهم وجئت بهم الى الموضع، والفرنج قد ناموا سكارى فانتقيت لهم أربعين حصان، من خيار خيولهم، وسلمتها إليهم، فأخذوها ومضوا، فانتبه الفرنج فلم يجدوا خيولهم، فافتكروا وقالوا: انظروا المجنون لا يكون هاهنا، قال: ففتشوا علي الى أن رأوني، فقالوا: أين خيولنا؟ فقلت لهم: عندي قد ربطتها لكم تأكل، قال: فقالوا لي: تعال أرنا إياها قال: قال:

فأخذتهم وجعلت أصعد بهم جبلا وأنزل واديا الى أن علمت أن المسلمين قد وصلوا بالخيول الى مأمنهم، فجئت بهم الى مغارة هناك، فأدخلتهم إليها وقلت: ها هي ذه خيولكم، وكنت قد ربطت قصبا على معالف وجعلت بين يديها تبنا وربطتها


(١) ما تزال تحمل هذا الاسم نفسه على مقربة من بلدة بعلبك.
(٢) هي الاقحوانة بوادي الاردن قرب عقبة أفيق. معجم البلدان.

<<  <  ج: ص:  >  >>