الفصيل وجدد السور والابرجة على علو السور الاول، وكان يباشر العمارة بنفسه، فصار ذلك المكان من أقوى الاماكن.
ثم إن أتابك طغرل ابتنى برجا عظيما فيما بين باب النصر وبرج الثعابين مقابل أتونات الكلس ومقابر اليهود.
ثم ان الملك الناصر صلاح الدين يوسف بن محمد أعز الله سلطانه أمر بتجديد أبرجة من باب الاربعين الى البرج الذي جدده أتابك، فجددت أبرجة عظيمة كل برج منها حصن مفرد، وسفح من السور والابرجة في الميل الى الخندق فصار (٦ - و) ذلك كله كالقلعة العظيمة في الارتفاع والحصانة وأمر ببناء أبرجة كبار من باب الجنان الى باب قنسرين، فقويت المدينة بذلك قوة ظاهرة.
وأما قلعة حلب فلم يكن بناؤها بالمحكم، وكان سورها أولا منهدما على ما ذكره أرباب التواريخ ولم يكن مقام الملوك حينئذ فيها، بل كان لهم قصور بالمدينة يسكنونها، ولما فتح الروم حلب في سنة احدى وخمسين وثلاثمائة لجأ الى القلعة من لجأ، وستروها بالأكف والبراذع، فعصمتهم من العدو لعلوها، وزحف ابن أخت الملك فألقي عليه حجر فقتله، ورحل الدمستق عنها، فاهتم الملوك بعد ذلك بعمارة القلعة وتحصينها.
وعصى فيها فتح القلعي على مولاه مرتضى الدولة بن لؤلؤ، ثم سلمها الى نواب الحاكم، فعصى فيها عزيز الدولة فاتك على الحاكم، وقتل بالمركز، وكان قصره الذي ينسب اليه خانكاه القصر متصلا بالقلعة، والحمام المعروفة بحمام القصر الى جانبه، فخرب القصر بعد ذلك تحصينا للقلعة وصار الخندق موضعه. ودخلت أنا هذه الحمام وهي دائرة، فهدمها الملك الظاهر رحمه الله، وجعلها مطبخا له.