للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قلت: فقد تواطأ ابن المهذب والعظيمي على أن هذا كان في سنة سبع وستين وليس الأمر كذلك بل كان فتح سليمان بن قطلمش أنطاكية في سنة سبع وسبعين وأربعمائة، والظاهر أن ابن المهذب نقل ذلك وطغى القلم في سنة سبع وسبعين بستين، فكتبه على الغلط‍، ونقل العظيمي ذلك من تاريخه على الغلط‍، والصحيح ما ذكره حمدان بن عبد الرحيم الأثاربي في أخبار الفرنج، وقرأته بخط‍ الرئيس يحيى بن المراوي الحلبي، وذكر أنه نقله من خط‍ حمدان بن عبد الرحيم، قال:

وكان من عجائب الزمان أن أنطاكية خربتها زلزلة عظيمة قبل فتحها بمدة أربع سنين، وسقط‍ من سورها عدة أبرجة.

حكى القاضي حسن بن الموج الفوعي قال: كنت قد هربت من المجنّ (١) ووصلت الى أنطاكية وخدمت بها الأجل مسعود وزير يغي سغان، فتركني على العمارة، قال: فعدنا الى ما قد أخربته الزلزلة من السور فعمرناه، فعاد أحد الأبرجة هبطا وعاب، فأشير علينا بنقضه، وأن يقرّر أساسه، فهدمناه، ونزلنا على آخر (١٩٥ - و) دمس في أساسه، فوجدنا جرنا قد انكسر عليه طابق عظيم، فكشفناه فوجدنا فيه سبعة أشخاص من نحاس على خيل من نحاس، على كل واحد ثوب من الزرد، معتقلا ترسا ورمحا؛ قال: فعرّفت الأجل مسعود بذلك، فنفذ ثقته، فأخرج الأشخاص وكشف ما تحت الجرن فلم يجد شيئا سواها، فحمل الأشخاص الى الوزير فأخذها وأحضرها الى مجلس الأمير يغي سغان؛ فقال بعض الحاضرين: لو أحضر الأمير من مشايخ المدينة من يكشف له حقيقة هذا الأمر، فتقدم بإحضار جماعة، وأبرزت إليهم الأشخاص وقيل لهم: تعرفون ما هذه الأشخاص؟ قالوا: ما نعرف، بل إننا نحكي للأمير ما يقارب هذا الأمر،


(١) هو رئيس حلب بركات بن فارس الفوعي المعروف بالمجن، انظر زبدة الحلب ٢/ ١٣٨ - ١٣٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>