لها: ما حاجتك؟ قالت: جئتك أسألك أن تهب لي هذه المدينة وأهلها، فقال: هؤلاء قد أظهروا العصيان والشقاق، وقد أقسمت أن استبيح دماءهم وأموالهم، فقالت:
بل ترجع عن هذا الى المعتاد من صفحك وكرم عفوك، وتهب لي ذنبهم ودماءهم وأموالهم، فقال ما أفعل ولا أفسد مملكتي وأستدعي عصيان رعيتي بصفحي عن هؤلاء المنافقين، فغضبت، وقامت، وقالت: نسيت حقي وحرمتي واطرحتني، حتى أني أسألك في مدينة من مدائنك لتقضي بها حقي، ولا توجب سؤالي، ثم ولت، فأطرق، ثم قال: ردوها، فلما عادت اعتذر إليها وتلطفها، وقال: قد وهبت لك البلد وأموال أهله ودماءهم، وها أنا راحل، ثم أمر الناس بالرحيل ونفذ من رتب أمر البلد وسار.
فسألت عن تلك المرأة، فقيل لي ان هذه امرأة كانت ترضعه، وكان أبوه مالك هذه البلاد فقام عليه أخوه فقتله، وملك البلاد، وهذا إذ ذاك طفل، فتطلبه عمه ليقتله فخبته هذه المرأة بينها وبين ثيابها، وأخفته، وخرجت به من البلد فربته في خمول، واختفى حتى كبر وجار عمه على الرعية، وأساء إليهم، فوثبوا عليه قتلوه، ونفذوا أحضروا هذا وملكوه (٢٠٧ - ظ) عليهم كما ترى، فهي تذكره بما فعلته في حقه، وهو يرعى لها ذلك الصنع.