للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وحولك رايات لهم وعساكر … وخيل لها بعد الصهيل نخير

ليالي هشام بالرصافة قاطنا … وفيك ابنه يادير وهو أمير

اذ الملك غضّ والخلافة لدنة … وأنت خصيب والزمان طرير

وروضك مرتاض وينعك يانع … ودهر بني مروان فيك نضير

بمسلمة الميمون وهو الذي له … تكاد قلوب المشركين تطير

بلى فسقيت الغيث صوبا مباكرا … إليك به بعد الرواح بكور

تذكرت قومي فيكم فبكيتهم … وإنّ شجيّا بالبكاء لجدير

فعزّيت نفسي وهي نفسى لها إذا … جرى ذكر قومي أنّة وزفير

رويدك إنّ اليوم يعقبه غد … وإنّ صروف الدائرات تدور

لعل زمانا جار يوما عليهم … لهم بالذي تهوى النفوس يحور (١)

فيفرح مرتاد ويأمن خائف … ويطلق من ذلّ الوثاق أسير

قال فلما قرأه المتوكل قال: والله ما كتب هذا إلاّ رجل من بني أمية (٢٥٥ - ظ‍) يريد أن ينغص عليّ ما أنا فيه، فمن أتاني به فله ديته، فطلب فأتي به، وإذا هو رجل من بني أمية من أهل دمشق يعرف بالفرخ، فأمر المتوكل بقتله، وقال: «ذلك بما قدمت يداك» وما الله «بظلام للعبيد» (٢).

قال أبو الحسين: وزادني في هذه الحكاية بعض أهل العلم أن المتوكل لما قرأها بكى بكاء شديدا، وأمر بهدم الموضع فهدم الحائط‍ (٣).

وقد ذكر أبو الحسين الشمشاطي أن قائل هذا الشعر رجل من ولد روح بن زنباع، ودير حنينا كان معاوية بن هشام بن عبد الملك قد نزله، واتخذه متنزها له يتصيد فيه، فخرج يوما يتصيد فمر به ثعلب، وهو بالناعورة فمضى خلفه،


(١) الحور: الرجوع.
(٢) كذا بالاصل والآية «ذلك بما قدمت يداك وان الله ليس بظلام العبيد» سورة الحج الآية:١٠.
(٣) تاريخ دمشق لابن عساكر:١٩/ ١٤٥. ظ‍ -١٤٦. و.

<<  <  ج: ص:  >  >>