للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بابه، قال: حلب وهي مدينة جند قنسّرين، وكانت عامرة جدا غاصة بأهلها، كثيرة الخيرات على مدرج طريق العراق إلى الثغور وسائر الشامات، افتتحها الروم، وكان لها سور من حجارة لم يغن عنهم من العدو شيئا، بسوء تدبير سيف الدولة وما كان به من العلّة، فأخرب جامعها، وسبى ذراري أهلها، وأحرقوها، وكان لها قلعة غير طائلة ولا حسنة العمارة، لجأ إليها قوم من أهلها فنجوا، ونقل ما بها من المتاع والجهات (١) للسلطان وأهل البلد وسبى بها، وقتل من أهل سوادها ما في إعادته إرماض لمن سمعه ووهن على الإسلام وأهله.

وكانت لها أسواق حسنة وحمامات وفنادق ومحال وعراص فسيحة، ومشايخ وأهل جلّة، وهي الآن كالمتماسكة.

ولها واد يعرف بأبي الحسن قويق، وشرب أهلها منه، وفيه قليل طفس (٢) ولم تزل أسعارها في الأغذية وجميع المآكل قديما واسعة رخيصة.

وعليهم الآن للروم في كل سنة قانون يؤدونه وضريبة تستخرج من كل دار وضيعة معلومة، وكأنهم (١٥ - و) معهم في هدنة، وليست وإن كانت أحوالها متماسكة وأمورها راجية بحال جزء من عشرين جزءا مما كانت عليه في قديم أوانها وسالف أزمانها.

أشار ابن حوقل إلى فتح الروم لها وتخريبها في سنة إحدى وخمسين وثلاثمائة وفي ذكر الضريبة التي تؤدّى إلى الروم في كل سنة إلى ما قرره قرعويه السيفي


(١) -طبع كتاب ابن حوقل باسم صورة الارض، وفي المطبوع-ط‍. بيروت دار الحياة ص ١٦٣: ونقل بها من المتاع والجهاز للسلطان وأهل البلد، وهو تصحيف لان ما عناه ابن حوقل هو: ونقل الروم ما في حلب وفي الجهات من المتاع للسلطان وأهل البلد.
(٢) في القاموس الطفس قذر الانسان … وهو طفس قذر نجس.

<<  <  ج: ص:  >  >>