للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النور الذي يظاهر لا هو تيته في ممدوحه، وقال:

أنا مبصر وأظن أنّي حالم (١) ودار على الألسن، قالوا: قد تجلى لأبي الطيب ربّه، وبهذا وقع في السجن والوثاق الذي ذكره في شعره أيا خدّد الله ورد الخدود (٢).

ولم يذكر سبب لقبه على صدقه (٢٩ - و) وإنما وجّه له وجها ما، كما حكى عنه أبو الفتح عثمان بن جني أن سببه هو قوله:

أنا في أمة تداركها الله … غريب كصالح في ثمود (٣)

وإنما هو أن الخيوط‍ في رأسه كانت تديره وتزعجه، فتحين غيبة سيف الدولة في بعض غزواته، وقصد أعراب الشام، واستغوى مقدار ألف رجل منهم، واتصل خبره بسيف الدولة فكرّ راجعا وعاجله فتفرق عنه أصحابه، وجئ به أسيرا، فقال له: أنت النبي؟ قال: بل أنا المتنبي حتى تطعموني وتسقوني فإذا فعلتم ذلك فأنا أحمد بن الحسين، فأعجب بثبات جأشه وجرأته في جوابه، وحقن دمه وألقاه في السجن بحمص إلى أن قرر عنده فضله فأطلقه واستخصه، ولما أكثروا ذكره بالتبني تلقب به كيلا يصير ذمّا، إذا احتشم أخفي عنه، وشتما لا يشافه به. واستمر الأمر على ما تولى التقلب به.

قلت: قول أبي الريحان: «إنه تحين غيبة سيف الدولة في بعض غزواته» الى آخر ما ذكره ليس بصحيح، فإن أهل الشام وغيرهم من الرواة لم ينقلوا أن


(١) -ليس في ديوانه.
(٢) -الشطر الثاني: وقد قدود الحسان القدود. ديوانه ط‍.٧٦:١٩٦٩.
(٣) -ديوانه:٧٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>