للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالوا: فهذا مذهب أهل النجوم.

وقال لي ياقوت الحموي: نقلت من خط‍ أبي الريحان محمد بن أحمد البيروني في رسالة له سماها التعلل بإجابة الوهم في معاني نظوم أولى الفضل قال في أثناء كلام ذكره: ثم ان لي من أخلاقهم-يعني الشعراء-أسوة حسنة ومسلاة (٣٦ - و) أكيدة بامام الشعراء الذي طرق لهم ولمن بعده الى طريقته المخترعة في الشعر، وخلفهم من معاني كلامه في بروق تخطف أبصارهم وبصائرهم، كلما أضاء لهم مشوا فيه واذا أظلم عليهم قاموا، أبي الطيب المتنبي، حتى أن أفاضل أهل زماننا كأحمد بن فارس يحسده على ما آتاه الله من فضله، ويقول: انه مبخوت وإلاّ.

قال لي ياقوت كذا رأيته مبيضا بخطه.

ويقول: سألت أبا الفضل بن العميد عن معنى قوله:

وفاؤكما كالربع أشجاه طاسمه .... (١).

فأجابني بأن المتنبي خرج من الدنيا بعد ستين سنة عاشها ولم يكن وقف على معناه. وكان أبو الطيب على ضيق عطنه (٢) رفيع الهمة في صناعته، فاقتصر لها في رحلته بمدح عضد الدولة ووزيره ابن العميد، وراوده الصاحب اسماعيل بن عباد على التزاور رغبة في مديحه، فأبى الانحطاط‍ الى الكتبة، وهذا ما حمله على الخوض في مساوئ شعره، وليس يترفع عن حله ونثره في أثناء كتابته ومشاركة الحاتمي في ادامة حل نظمه في رسائله بعد مقالته التي عملها فيه محرضا عليه ومتنادرا به كنوادر المخنثين، كما حمل مثله أبا محمد المهلبي (٣) مستوزر بختيار بن معز الدولة على


(١) -ديوانه:٢٤٤.
(٢) -العطن: وطن الابل ومبركها، ورحب العطن: كثير المال واسع الرحل، رحب الذراع. القاموس.
(٣) -انظر تحفة الامراء في تاريخ الوزراء لهلال من المحسن الصابئ ط‍. القاهرة ٣٥٨:١٩٥٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>