للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ودورهم وسككهم ومسجد جامعهم، وكان لها ضياع وقرى ونواحي خصبة حسنة، استولى عليها الروم، وكانت قد اختلت قبل افتتاحها، في أيدي المسلمين، وهي أيضا في أيدي الروم أشد اختلالا، وفتحها الروم في سنة نسبع وخمسين وثلاثمائة (١).

قلت: وبعد استيلاء الروم عليها في هذه السنة فتحها المسلمون، وذلك أن سليمان قطلمش بن قاؤر بن سلجوق، وجده قاؤر أخو ألب أرسلان، أسرى من نيقيه، وكتم خبره وجد في السير (٢٣ - ظ‍) فوصل إلى أنطاكية في مائتي فارس وثمانية فوارس ليلا، فتسوروا الأسوار، وفتحوها ليلا، وذلك في أول شعبان سنة سبع وسبعين وأربعمائة، ثم قتل سليمان بن قطلمش واستولى يغي سيان على أنطاكية، وأخذها الفرنج خذلهم الله منه في سنة تسعين وأربعمائة، وبقيت في أيديهم إلى الآن.

والمسجد الجامع الذي كان بأنطاكية للمسلمين، هو إلى جانب القسيّان، ودخلت أنطاكية في سنة ثلاث عشرة أو أربع عشرة وستمائة، ودخلت بيعة القسيان فوجدت بجانبها محراب المسلمين على حاله، وفي سقوفه آيات القرآن مكتوبة في النقش، وهي على ما ذكره ابن بطلان من الصورة، وبيعة القسيان مزخرفة بالرخام والفسيفساء.

وقرأت في كتاب الحافظ‍ لمعارف حركات الشمس والقمر والنجوم في آفاقها، تأليف أبي الحسين ابن المنادي، يقال: ما من بناء بالحجارة أبهأ من كنيسة الرها، ولا بناء بالخشب أبهأ من كنيسة منبج ولا بناء بالرخام أبهأ من قسيّان أنطاكية.

قال لي الشيخ علي بن أبي بكر الهروي في ذكر أنطاكية: وهي من المدن التي كانت يتسلى بها الغريب عن وطنه، وأما اليوم فلا يعنى لكربها صائم (٢).


(١) - صورة الارض،١٦٥.
(٢) كتاب الاشارات الى معرفة الزيارات، للهروي، ط‍. دمشق ١٩٥٣، ص ٦، ويحوي نص ابن العديم زيادات لم ترد في المطبوع.

<<  <  ج: ص:  >  >>