فجئت الى أصحاب المصالح، فقالوا: لا نأخذ الا أربعة دنانير، فانصرفت آخر النهار الى بركة المعافر وقد دخلها الماء، فجلست على حجر على الماء، وقلعت نعلي وجعلت الحلق عليها، فبينا أنا مهموم إذا برجل على بغل قد وقف بي، ونزل الى جانبي وقلب العنان وأمسكه بيده وحادثني، واستخبرني عن مسكني وموضعي واستوصف منزلي الى أن سألني عن سيرة الوالي، فأخبرته أن له معروفا، وقد عمل هذه المصانع للماء والمارستان، وبنى الجامع، وحبس عليها الأحباس، الى أن سألني عن تلك الحلق التي رآها على النعل، فأخبرته الخبر، فقال لي: أنت تصف الرجل بالعدل ويستعمل من هؤلاء القوم، يفعل هذا الفعل؟ فقلت: لا علم له بفعلهم، وحضرت صلاة المغرب فقال لي: تقدم وصل بي، ووقف على يميني فصليت به المغرب، ثم فرغ وركع، وركب بغله وأخذ على المقابر على الصحراء وانصرفت الى منزلي، فإني لجالس على إفطاري إذ سمعنا على الباب جلبة، فاطلعت إحدى البنات فقالت لي: يا أبت على الباب قوم من أصحاب السلطان (١٣٠ - ظ) فنزلت فإذا صاحب الشرطة سري فحملني على بغل وأخذ بي على الصحراء الى جبل، فإذا جمع وإذا بصاحبي جالس وبين يديه شمع، فقال لي: عندي يا إمامي، الساعة صليت بي المغرب، ثم قال: يا سري ما يقدر لي أبو أحمد الموفق على مثل ما كدتني به أنت، أبو أحمد يلقاني برجال، وألقاه برجال، وبكراع وسلاح وعدة، وألقاه بمثلها، أبو أحمد لا يقدر يوقف لي الليلة مثل هذا الرجل المستور في الليل وخلفه أربع بنات مظلومات يرفعون أيديهم الى الله، هذا يهلكني.
قال: ثم التفت إلي فقال: أنشدك الله إن دعوت علي، ثم قال: يا سوار أحضر ما قلت لك، فأحضر أربع صرر وأربع رزم ثياب وقال لي: يا شيخ ادفع الضرر الى أصحاب الحلق الى كل واحدة مائة دينار ورزمة من الثياب يكتسينها، وهذه ثلاثون دينارا ابتع بها جارية مشهورة مخبورة، وبيعوا هذه الجارية التي باتت