للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

للعزيز الفاطمي المستولي على مصر، قال: فأما مدينة أنطاكية فهي مدينة العواصم، وهي مدينة جليلة فتحها أبو عبيدة بن الجراح، وأسكنها المسلمين، وهي من الإقليم الرابع، وعرضها خمس وثلاثون درجة، وهي مدينة عظيمة ليس في الإسلام، ولا في بلد الروم مثلها، لأنها في لحف جبل، هو من شرقها مطل عليها، لا تقع عليها الشمس إلاّ بعد ساعتين من النهار، وعليها سور من حجارة يدور بسهلها، ثم يطلع إلى نصف الجبل، ثم إلى أعلاه، ثم ينزل حتى يستدير عليها من السهل أيضا، وفي داخل السور عراص «كثيرة في الجبل ومزارع وأجنّة» وبساتين، ويتخرق الماء من عيون له في الجبل مقنّاة إلى المدينة والأسواق والمنازل، كما يتخرق مدينة دمشق، وأبنيتها كلها بالحجر، والفواكه والزهر بها كالمجان، ومساحة دور السور اثنا عشر ميلا، وبها كنيسة القسيّان، وهي كنيسة جليلة (٢٤ - ظ‍) عظيمة البناء والقدر عند النصارى، ويقال أن بها كفّ يحيى بن زكريا عليه السلام، وبرسمها بطريق، وتجل النصارى قدّره، لها أعمال واسعة من المشرق إلى المغرب، وأهلها الغالبون عليها قوم من الفرس، وقوم من ولد صالح بن علي ومواليه، وأهلها أحسن خلق الله تعالى وجوها، وأكرمهم أخلاقا، وأرقهم طباعا، وأسمحهم نفوسا، والأغلب على خلقهم البياض والحمرة، ومذاهبهم على ما كان عليه أهل الشام إلاّ من تخصّص ولها من الكور، كورة تيزين، وهي ضياع جليلة القدر، وكورة الجومة وبها العيون الكبريتية التي تجري إلى الحمّة، وكورة جندارس (١) مدينة عجيبة البناء، مبنية بالحجارة والعمد، وكورة أرتاح، وهي مدينة جليلة القدر، وكورة الدقس، وهي كورة جليلة، وكورة قرصيلي، وهي ضياع جليلة، وكورة السويديّة وهي مدينة على ضفة البحر المالح، وكورة الفارسية والعربية، وهي جليلة القدر، وكورة يدابيا والقرشيّة.


(١) -تعرف الآن بالاسم نفسه مع خلاف بسيط‍ في الرسم، فهي جنديرس.
مركز ناحية تابعة لمنطقة عفرين التابعة لمحافظة حلب في سورية، ويصلها بحلب طريق مزفت طوله ٨٠ كم. انظر التقسيمات الادارية،٣٤٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>