للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جاءا أخيري زمان ما به لهما … مماثل وصل الجد الذي وصلا

أبو العلاء وأبو نصر هما جمعا … علم الورى وهما للفضل قد كملا

هذا كما تراه رامح علم … وذاك أعزل للدنيا قد اعتزلا

هما هما قدوة الآداب دانية … طورا وقاصية إن مثلا مثلا

لولا هما لتفرّ العلم عن حلم … أو لافترى صاحب التمويه إن سئلا

يا طالب الأدب اسأل عنهما وأهن … إذا رأيتهما أن لا ترى الأولا

خذ ما تراه ودع شيئا سمعت به … فطلعة البدر تغني أن ترى زحلا

فلو كان المنازي واجه أبا العلاء بهذا الكلام القبيح المستفظع لما مدح أصحابه أبا نصر بما ذكره، وكذلك الذي احتج به في ترك اللحم لا يليق أن يصدر مثله من أبي نصر المنازي، وقد كان عارفا بالفقه، وشهد له سليم الرازي بأن له يدا في الفقه واللغة على ما نذكره في ترجمته، ومثل ما نقله الناقل عنه جوابا عن قوله في ترك أكل اللحم أنه رحمة للحيوان لا يحسن الجواب عنه بما ذكر، والرحمة للحيوان من الخصال المندوب إليها كما قال صلى الله عليه وسلم: «والشاة إن رحمتها رحمك» (١)، وقد ترك جماعة (١٦٤ و) من الزهاد والعباد أكل الشهوات والطيبات تقربا إلى الله تعالى، وعدّ ذلك في مناقبهم ومحاسنهم، ولم ينكر عليهم، فكيف يجعل الامتناع من أكل اللحم تركا للآخرة، وقد استقصينا الكلام على هذا في كتاب «دفع الظلم والتجري».

وقد قال أبو نصر المنازي في أبي العلاء أبياتا خاطبه بها في مدحه:

لله لؤلؤ ألفاظ‍ تساقطها … لو كن للغيد ما استأنسن بالعطل

ومن عيون معان لو كحلن بها … نجل العيون لأغناها عن الكحل

سحر من اللفظ‍ لو دارت سلافته … على الزمان تمشي مشية الثمل


(١) -انظره في كنز العمال:١٢/ ٣٥٢٣٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>